عليه أيضا إذا تركه هو وغيره.

قوله: "ويرادفه الفرض" أي: الفرض والواجب عندنا مترادفان, وقالت الحنفية: إن ثبت التكليف بدليل قطعي مثل الكتاب والسنة المتواترة فهو الفرض كالصلوات الخمس، وإن ثبت بدليل ظني كخبر الواحد والقياس فهو الواجب, ومثلوه بالتواتر على قاعدتهم، فإن ادعوا أن التفرقة شرعية أو لغوية فليس في اللغة ولا في الشرع ما يقتضيه وإن كانت اصطلاحية فلا مشاحة في الاصطلاح, قال في الحاصل: والنزاع لفظي. قال: "والمندوب ما يحمد فاعله ولا يذم تاركه, ويسمى سنة ونافلة".

أقول: المندوب في اللغة هو المدعو إليه، قال الجوهري: يقال: ندبه لأمر فانتدب له أي: دعاه له فأجاب قال الشاعر:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... للنائبات على ما قال براهانا

فسمي النفل بذلك لدعاء الشرع إليه، وأصله المندوب إليه، ثم توسع فيه بحذف حرف الجر فاستكن الضمير، وفي الاصطلاح ما قاله المصنف قوله: "ما يحمد فاعله" أي: الفعل الذي يمدح فاعله, فالفعل جنس وقوله: يمدح خرج به المباح فإنه لا مدح فيه "هو ولا ذم" وقوله: فاعله خرج به الحرام والمكروه فإنه يمدح تاركهما والمارد بالفعل هنا هو الصادر من الشخص ليعم الفعل المعروف، والقول نفسانيا كان أو لسانيا فتدخل الأذكار القلبية اللسانية وغيرها من المندوبات وإلا يكون الحد غير جامع، وقوله: ولا يذم تاركه, خرج به الواجب فإن تاركه يذم, فإن قيل: فرض الكفاية يمدح فاعله ولا يذم تاركه مع أنه فرض, ولهذا احتجنا إلى إدخاله في حد الواجب كما تقدم, وكان ينبغي أن يقول مطلقا، وكذلك أيضا خصال الكفارة والواجب الموسع. قلنا: قوله: ولا يذم كافٍ؛ لأنه للعموم لكونه نكرة في سياق النفي, إذ الأفعال كلها نكرات تعم يدخل في الحد فعل الله تعالى مع أنه ليس مندوبا إلا أن يقال: يحمل الفعل على فعل المكلف وهو عناية في الحد ويسمى المندوب سنة ونافلة, قال في المحصول: ويسمى أيضا مستحبا وتطوعا ومرغبا فيه وإحسانا ومنهم من يبدل هذا بقوله: حسنا قال: "والحرام: ما يذم شرعا فاعله، والمكروه: ما يمدح تاركه ولا يذم فاعله, والمباح: ما لا يتعلق بفعله وتركه مدح ولا ذم". أقول: المراد بقوله: ما يذم أي: الفعل الذي يذم فالفعل جنس للأحكام الخمسة وقوله: يذم احترز به عن المكروه والمندوب والمباح, فإنه لا ذم فيها وقوله: شرعا إشارة إلى أن الذم لا يكون إلا بالشرع على خلاف ما قاله المعتزلة. وقوله: فاعله احترز به عن الواجب فإنه يذم تاركه والمراد بالفعل هو الشيء الصادر من الشخص, والفاعل هو المصدر له ليعم الغيبة والنميمة وغيرهما من الأقوال المحرمة، وكذلك الحقد والحسد وغيرهما من الأعمال القلبية ولك أن تقول: هذا الحد يرد عليه الحرام المخير عند من يقول به, وهم الأشاعرة كما نقله عنهم الآمدي وغيره فينبغي أن يقول: مطلقا كما قاله في حد الواجب, قال في المحصول: ويسمى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015