بقوله: لأنه يوصف به أي: لأن الحكم يوصف بالحدوث, الثاني: أن الحكم يكون صفة فعل العبد كقولنا: هذا وطء حلال, فالحل حكم شرعي وجعلناه صفة للوطء الذي هو فعل العبد وفعل العبد حادث، وصفه الحادث أولى بالحدوث لأنها إما مقارنة للموصوف أو متأخرة عنه، وإليه أشار بقوله: ويكون صفة لفعل العبد, الثالث: أن الحكم الشرعي يكون معللا بفعل العبد كقولنا: حلت المرأة بالنكاح وحرمت بالطلاق, فالنكاح علة للإباحة الطلاق علة للتحريم، والنكاح والطلاق حادثان؛ لأن النكاح هو الإيجاب والقبول والطلاق قول الزوج: طلقت، وإذا كانا حادثين كان المعلول حادثا بطريق الأول؛ لأن المعلول إما مقارن لعلته أو متأخر عنها، وإليه أشار بقوله: ومعللا به أي: ويكون الحكم معللا به أي: بفعل العبد. "السؤال الثاني": أن هذا الحد غير جامع لأفراد المحدود كلها؛ لأن خطاب الوضع وهو جعل الشيء سببا أو شرطا أو مانعا, خارج عنه؛ لأنه لا طلب فيه ولا تخيير، فمن ذلك موجبية الدلوك وهو كون دلوك الشمس موجبا للصلاة فإنه حكم شرعي؛ لأنا لم نستفدها إلا من الشارع، وكونه موجبا لا طلب فيه ولا تخيير، ودلوك الشمس: زوالها وقيل: غروبها، قاله الجوهري. وقال الآمدي في القياس: إنه طلوعها، ومنها مانعية النجاسة للصلاة والبيع أي: كونها مانعة من الصحة, فإنها حكم شرعي لأنا استنفدنا ذلك من الشارع، وكونها مانعة لا طلب فيه ولا تخيير، ومنها الصحة والفساد أيضا لما قلناه. "السؤال الثالث" وقد أسقطه صاحب التحصيل: أن الحد فيه أو وهي موضوعة للتردد أي: للشك، والمقصود من الحد إنما هو التعريف فيكون الترديد منافيا للتحديد. قال: "قلنا: الحادث التعلق والحكم يتعلق بفعل العبد لا صفته كالقول المتعلق بالمعلومات، والنكاح والطلاق ونحوهما معرفات له كالعالم للصانع والموجبية والمانعية أعلام الحكم لا هو, وإن سألتم فالمعنى بهما اقتضاء الفعل والترك وبالصحة إباحة الانتفاع وبالبطلان حرمته والترديد في أقسام المحدود لا في الحد" أقول: أجاب المصنف عن الاعتراض الأول وهو قولهم: كيف تقولون: إن الحكم هو الخطاب مع أن الخطاب قديم والحكم حادث؟ فقال: لا نسلم أن الحكم حادث بل هو قديم أيضا كالخطاب، وحينئذ فيصح قولنا: الحكم خطاب الله تعالى، أما قولهم في الدليل الأول على حدثه: إن الحكم يوصف بالحدوث، كقولنا: حلت المرأة بعد أن لم تكن فليس كذلك؛ لأن معنى قولنا: الحكم قديم كما قال في المحصول، هو أن الله تعالى قال في الأزل: أذنت لفلان أن يطأ فلانة مثلا, إذا جرى بينهما نكاح وإذا كان هذا معناه, فيكون الحل قديما لكنه لا يتعلق به إلا بوجود القبول والإيجاب، وحينئذ فقولنا: حلت المرأة بعد أن لم تكن معناه تعلق الحل بعد أن لم يكن, فالموصوف بالحدوث إنما هو التعلق وإلى هذا أشار بقوله: قلنا: الحادث التعلق، وأما قولهم في الدليل الثاني على حدوثه: إن الحكم يكون صفة لفعل العبد كقولنا: هذا وطء حلال, فلا نسلم أن هذا صفة. قال في المحصول: لأنه لا معنى لكون الفعل