كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين وبأن الكل أعظم من الجزء وشبه ذلك كالطب والهندسة وعن العلم بالأحكام اللغوية وهو نسبة أمر إلى الآخر بالإيجاب أن السلب كعلمنا بقيام زيد أو بعدم قيامه، والشرعي هو ما تتوقف معرفته على الشرع، وقوله العملية احترز به عن العلم بالأحكام الشرعية على العملية، وهو أصول الدين كالعلم بكون الإله واحدا سميعا بصيرا، وكذلك أصول الفقه على ما قاله الإمام في المحصول واقتصر عليه، قال لأن العلم يكون الإجماع حجة مثلا ليس علما بكيفية عمل، وتبعه على ذلك صاحب الحاصل وصاحب التحصيل1، وفيه نظر لأن حكم الشرع يكون الإجماع حجة مثلا، معناه أنه إذا وجد فقد وجب عليه العمل بمقتضاه والإفتاء بموجبه، ولا معنى للعمل إلا هذا لأنه نظير العلم، بأن الشخص متى زنى وجب على الإمام حده، وهو من الفقه، لقوله المكتسب احترز به عن علم الله تعالى وعلم ملائكته بالأحكام الشرعية العلمية، وكذلك علم رسوله صلى الله عليه وسلم الحاصل من غير اجتهاد بل بالوحي، وكذلك علمنا بالأمور التي علم بالضرورة كونها من الدين، كوجوب الصلوات الخمس وشبهها، فجميع هذه الأشياء ليس بفقه لأنها غير مكتسبة، هكذا ذكره كثير من الشراح، وما قالوه في غير الله تعالى فيه نظر متوقف على تفسير المراد بالمكتسب، ولا ذكر لهذا القيد في المحصول بأنه للاحتراز عن نحو الخمس كما تقدم ذكره وفيه نظر أيضا فإن أكثر علم الصحابة إنما حصل بسماعهم من النبي صلى الله عليه وسلم فيكون ضررويا، وحينئذ فيلزم أن يسمى علم الصحابة فقها وأن لا يسموا فقهاء وهو باطل، والأولى أن يقال احترز بالمكتسب عن علم الله تعالى، وبقوله من أدلتها عن علم الملائكة والرسول الحاصل بالوحي، والمكتسب في كلام المصنف مرفوع على الصفة للعلم ولا يصلح جره على الصفة للأحكام، لأن الأحكام مؤنثة والمكتسب مذكر، ولأن علم الله تعالى وعلم المقلد يردان على الحد على هذا التقدير ولا يخرجان بما قالوه، وذلك لأن المعلوم للمقلد مثلا في نفسه مكتسب من أدلة تفصيلية، فإن المصنف لم يشترط ذلك بالنسبة إلى العالم به بل عبر عنه بقول مكتسب، وهو مبني للمفعول فإذا علم المجتهد أن الأخت لها النصف للآية الكريمة أخر به المقلد صدق أن المقلد علم شيئا اكتسبه غيره من دليل تفصيلي، وإذا صدق ذلك صدق بناؤه للمفعول، فيقال علم شيئا مكتسبا من دليل تفصيلي، وهكذا يفعل في علم الله تعالى فإن الباري سبحانه وتعالى عالم بحكم ذلك الحكم، موصوف بأنه مكتسب يعني أن شخصا قد اكتسبه.
وقوله من أدلتها التفصيلية احترز به عن العلم الحاصل للمقلد في المسائل الفقهية، فإن المقلد إذا علم أن هذا الحكم أفتى به المفتي وعلم أن ما أفتى به المفتي