كالإنسان, والجزئي مقابله كزيد وسيأتي ذلك، وأما الكلية فهو الحكم على كل فرد بحيث لا يبقى فرد من الأفراد كقولنا: رجل يشبعه رغيفان غالبا، وتقابله الجزئية وهو الحكم على بعض أفراد حقيقة من غير تعيين كقولنا: بعض الحيوان إنسان، وأما الكلي فهو الحكم على المجموع من حيث هو مجموع كأسماء العدد وكقولنا: كل رجل يحمل الصخرة العظيمة, فهذا صادق باعتبار الكل دون الكلية، ويقابله الجزء وهو ما تركب منه ومن غيره كل, كالخمسة مع العشرة إذا علمت ذلك فنقول: صيغة العموم مسماها كلية ودلالتها على فرد منه كدلالة المشركين على زيد المشرك مثلا خارجة عن الثلاثة, أما انتفاء المطابقة والالتزام فواضح، وأما التضمن فلأنه دلالة اللفظ على جزء مسماه كما تقدم, والجزء إنما يقابله الكل، ومسمى صيغة العموم ليس كلا كما قررناه، وإلا لتعذر الاستدلال بها على ثبوت حكمها لفرد في النفي أو النهي, فإنه لا يلزم من نفي المجموع نفي جزئه, ولا من النهي عن المجموع النهي عن جزئه.
"فائدة": جميع ما تقدم في دلالة اللفظ كما عبر عنه المصنف, وقد تقدم أنها فهو السامع والفرق بينهما وبين الدلالة باللفظ بزيادة الباء, أن الدلالة باللفظ استعمال اللفظ, أما في موضوعه وهي الحقيقة غير الموضوعة لعلاقة وهو المجاز، والباء فيها للاستعانة والسببية؛ لأن الإنسان يدلنا على ما في نفسه باطلا لفظه, فإطلاق اللفظ آلة الدلالة كالقلم للكتابة، والفرق بينهما من وجوه أحدها: المحل فإن محل دلالة اللفظ القلب ومحل الدلالة باللفظ اللسان وغيره من المخارج، وثانيها: من جهة الموصوف, فإن دلالة اللفظ صفة للسامع، والدلالة بلفظ صفة للمتكلم, وثالثها: من جهة السببية, فإن الدلالة باللفظ سبب، ودلالة اللفظ مسبب عنها، ورابعها: من جهة الوجود, فإنه كلما وجدت دلالة اللفظ وجدت الدلالة باللفظ بخلاف العكس، وخامسها: من جهة الأنواع, فدلالة اللفظ ثلاثة أنواع: المطابقة والتضمن والالتزام، وللدلالة باللفظ نوعان: الحقيقة والمجاز.
قال: "واللفظ إن دل جزؤه على جزء معناه فمركب وإلا فمفرد, والمفرد إما أن لا يستقل بمعناه وهو الحرف، أو يستقل، وهو فعل إن دل بهيئته على أحد الأزمنة الثلاثة، وإلا فاسم كلي إن اشترك معناه، متواطئ، إن استوى، ومشكك إن تفاوت، وجنس إن دل على ذات غير معينة كالفرس، ومشتق إن دل على ذي صفة معينة كالفارس، وجزئي إن لم يشترك، وعلم إن استقل، ومضمر إن لم يستقل" أقول: اللفظ ينقسم إلى: مركب ومفرد؛ وذلك لأنه إن دل جزؤه على جزء المعنى المستفاد منه فهو المركب سواء كان تركيب إسناد كقولنا: قام زيد وزيد قائم، أو تركيب مزج كخمسة عشر، أو تركيب إضافة كغلام زيد، وأورد القاضي أفضل الدين الخونجي على هذا الحيوان ناطق علما على إنسان، فينبغي أن يزاد حين هو جزؤه, كما ذكره الإمام في المحصول. وقوله: "إن دل جزؤه" أي: كل واحد من أجزائه, واستغنى المصنف عن ذكره بإضافة اسم الجنس