وضعية وهي المقصودة ههنا, فكان ينبغي أن يقول: دلالة اللفظ الوضعية على أن الإمام قال: إن دلالة المطابقة وحدها وضعية, وأما التضمن والالتزام فعقليتان, وتعريف هذه الدلالة التي يريدها المصنف هو كون اللفظ إذا أطلق فهم منه المعنى من كان عالما بالوضع, وإن شئت قلت: فهم السامع من الكلام تمام المسمى أو جزأه أو لازمه, وقسمها المصنف إلى ثلاثة أقسام أحدها: المطابقة وهي دلالة اللفظ على تمام مسماه كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق, وسمي بذلك؛ لأن اللفظ طابق معناه. الثاني: دلالة التضمن وهي دلالة اللفظ على جزء المسمى كدلالة الإنسان على الحيوان فقط، أو على الناطق فقط, وسمي بذلك لتضمنه إياه. الثالث: دلالة الالتزام وهي دلالة اللفظ على لازمه كدلالة الأسد على الشجاعة, وإنما يتصور ذلك في اللازم الذهني وهو الذي ينتقل الذهن إليه عند سماع اللفظ سواء كان لازما في الخارج أيضا كالسرير والارتفاع أم كالعمى والبصر, وكدلالة زيد على عمر, وإذا كانا مجتمعين غالبا ولا يأتي ذلك في اللازم الخارجي فقط, كالسرير مع الإمكان, فإنه إذا لم ينتقل الذهن إليه لم تحصل الدلالة البتة، ومن هذا يعلم أن قوله: وعلى لازمه الذهني التزام غير مستقيم؛ لأن هذا يوهم وجود الدلالة مع اللازم الخارجي وهو باطل. قال في المحصول: وهذا اللزوم شرط لا موجب, يعني أن اللزوم بمجرده ليس هو السبب في حصول دلالة الالتزام, بل السبب هو إطلاق اللفظ واللزوم شرط، وهذا التقسيم يعرف منه حد كل واحد منها, وفيه من وجوه منها: أن اللفظ جنس بعيد لإطلاقه على المستعمل والمهمل, وهو مجتنب في الحدود، فكان ينبغي أن يقول: دلالة للقول، ومنها: أن التمام لا يكون إلا فيما له أجزاء، وحينئذ فيرد عليه دلالة اللفظ الموضوع لمعنى لا جزء له كالجوهر الفرد، والآن والنقطة، وكلفظ الله سبحانه وتعالى. ومنها: أنه ينبغي أن يقول من حيث هو تمامه، وفي التضمن من حيث هو جزء، وفي الالتزام من حيث هو لازمه؛ ليحترز به عن اللفظ المشترك بين الشيء وجزئه، كوضع الممكن العام والخاص ما ستعرفه في الاشتراك, وكذلك وضع مصر للإقليم الخاص وللبلدة المعروفة، وعن المشترك بين الشيء ولازمه كالشمس في الكوكب مع لازمه وهو الضوء، فإن دلالة مصر مثلا على البلد المعروف إنما تكون بالمطابقة من حيث إنها تمام المسمى لا من حيث إنها جزؤه، فإن دلالتها من هذه الحيثية دلالة التضمن وكذلك القول في دلالة التضمن والالتزام على أن الإمام أتى بهذا القيد في التضمن والالتزام فقط، ويلزمه ذلك في الباقي، وهكذا فعل صاحب التحصيل، لكن حذفها صاحب الحاصل ثم المصنف من الجميع؛ اكتفاء بقرينة التمام والجزئية واللازمية, واتباعا للمتقدمين, فإنه لم يذكره أحد قبل الإمام كما قاله القرافي، ومنها: أن انحصار الدلالة الوضعية في الثلاثة يرد عليه سؤال قوي أورده بعضهم, وتقريره موقوف على مقدمة وهي الفرق بين الكلي والكلية والكل، والجزئي والجزئية والجزء، فأما الكلي فهو الذي يشترك في مفهومه كثيرون