فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَلَا يَقُولَ هُجْرًا، وَلَا يَكُونَ فَظًّا غَلِيظًا؛ وَكَذَلِكَ يَكُونُ غِلْمَانُهُ وَأَعْوَانُهُ الَّذِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَسَنُ الصُّورَةِ فَلَا يَبْعَثُهُ الْقَاضِي لِإِحْضَارِ النِّسْوَانِ. وَيَنْبَغِي [عَلَى الْقَاضِي] أَنْ يَجْلِسَ لِلنَّاسِ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ، لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَى النَّاسِ الْقَصْدُ إلَيْهِ.
[فَصْلٌ] وَأَمَّا الْوُكَلَاء الَّذِينَ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَلَا خَيْرَ فِيهِمْ، وَلَا مَصْلَحَةَ لِلنَّاسِ بِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقُ الدِّينِ يَأْخُذُ مِنْ الْخَصْمَيْنِ، ثُمَّ يَتَمَسَّكُونَ فِيهِ بِسُنَّةِ الشَّرْعِ، فَيُوقِفُونَ الْقَضِيَّةَ، فَيَضِيعُ الْحَقُّ وَيَخْرُجُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْ طَالِبِهِ وَصَاحِبِهِ. فَإِذَا حَضَرَ الْخَصْمَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنَّ الْحَقَّ يَظْهَرُ سَرِيعًا مِنْ كَلَامِهِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَكِيلٌ، فَكَأَنَّ تَرْكَ الْوُكَلَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْلَى (51 ب) مِنْ نَصْبِهِمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ بَرْزَةٍ أَوْ صَبِيٌّ، فَحِينَئِذٍ يُوَكِّلُ عَنْهَا الْحَاكِمُ وَكِيلًا.
ِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَيَعِظُهُمْ وَيُذَكِّرُهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالشَّفَقَةِ عَلَى الرَّعِيَّةِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمْ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلْيَكُنْ فِي وَعْظِهِ وَقَوْلِهِ فِي رَدْعِهِمْ عَنْ الظُّلْمِ لَطِيفًا ظَرِيفًا، لَيِّنَ الْقَوْلِ بَشُوشًا، غَيْرَ جَبَّارٍ [وَلَا] عَبُوسٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -