كان النساء لا يبكين المقتول إلا أن يدرك بثأره، واذا أدرك بثأره بكينه؛ قال شاعر
من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسرا ينبنه ... يلطمن حرّ الوجه بالأسحار
يقولون: إن الغلام اذا ثغر، فرمى سنّه فى عين الشمس بسبّابته وإبهامه وقال: أبدلينى أحسن منها، أمن على أسنانه العوج، والفلج، والثّعل؛ قال طرفة
بدّلته الشمس من منبته ... بردا أبيض مصقول الأشر
كانوا اذا أرسلوا الخيل على الصّيد فسبق واحد منها، خضبوا صدره بدم الصّيد علامة له؛ قال الشاعر
كأن دماء العاديات بنحره ... عصارة حنّاء بشيب مرجّل
كانوا اذا ضلّ الرجل منهم في الفلاة، قلب ثيابه، وحبس ناقته، وصاح في أذنها كأنه يومىء الى إنسان، وصفّق بيديه: الوحا الوحا، النجا النجا، هيكل، الساعة الساعة، الىّ الىّ، عجّل؛ ثم يحرّك الناقة فيهتدى؛ قال الشاعر
وأذّن بالتصفيق من ساء ظنّه ... فلم يدر من أىّ اليدين جوابها
يعنى: يسوء ظنّه بنفسه اذا ضل.
كانوا اذا أسروا رجلا، ومنّوا عليه فأطلقوه، جزّوا ناصيته ووضعوها في الكنانة؛ قال الحطيئة