ذكرنا ما كان من تسحّبه إلى بلاد التتار فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، ولما اتصل خبر وفاته بالسلطان رسم بالإفراج عن جماعة من مماليكه كانوا قد اعتقلوا بعد تسحّبه، ووعدهم الإحسان، ثم رسم بإخراج ولديه الأميرين: علاء الدين على، وعز الدين فرج إلى دمشق، وأقطع الأول إمرة طبلخاناة، وفرج إمرة عشرة بدمشق، وتوجّها فى سنة تسع وعشرين، ووصلا إلى دمشق فى ثالث شهر ربيع الآخر، واستقرا بها.

وفيها فى الثلث الأخير من ليلة الاثنين المسفر صباحها عن العشرين من ذى القعدة كانت وفاة الشيخ العالم الورع تقى الدين أحمد بن الشيخ شهاب الدين أبى المحاسن عبد الحليم بن الشيخ مجد الدين أبى البركات عبد السلام ابن عبد الله بن أبى القاسم بن محمد بن تيمية الحرّانى ثم الدمشقى [1] فى معتقله بدمشق، ومرض سبعة عشر يوما، ولما منع من الكتابة والتصنيف عكف على تلاوة كتاب الله تعالى، فيقال إنه قرأ ثمانين ختمة، وقرأ من الحادية والثمانين إلى سورة الرحمن، وأكملها أصحابه الذين دخلوا عليه حال غسله وتكفينه، وتولى غسله مع المغسّل الشيخ تاج الدين الفارقىّ، والشيخ شمس الدين بن إدريس، وصلّى عليه فى عدة مواضع فصلى عليه أولا بقلعة دمشق وأمّ الناس فى الصلاة عليه الشيخ محمد بن تمام الصالحى الحنبلى، ثم حمل إلى الجامع الأموى، ووضعت جنازته فى أول الساعة الخامسة، وامتلأ الجامع بالناس، وغلّقت أسواق المدينة، وصلّى عليه بعد صلاة الظهر، ثم حمل وأخرج من باب الفرج، وازدحم الناس حتى تفرقوا فى أبواب المدينة وصلّى عليه بعد صلاة الظهر، ثم حمل فخرجوا من باب النصر وباب الفراديس وباب الجابيه، وامتلأ سوق الخيل بالناس، وصلى عليه مرة ثالثة وأمّ الناس فى الصلاة عليه أخوه الشيخ زين الدين عبد الرحمن [2] ، وحمل إلى مقبرة الصوفية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015