وعلا فيها أكثر من ذراعين، وبلغ الماء إلى شباك دار شيخ المشايخ، ولو لم يعلّ السور بالسّكر كان انقلب إلى البلد، ولولا ما حصل من هذه البثوق- بثق الخندق، وبثق الرّقّة، وبثق التعسار- لغرقت بغداد.

قال الناقل: ومع ذلك فإلى عشر سنين ما يمكن عمارة ما خرب بالجانب الغربى؛ فإنه غرق أكثره، وغلت الأسعار أياما، ثم نقص الماء بعد أن أشرف الناس على الهلاك، وكان ابتداء النقص يوم الأربعاء، وذكر القاضى ابن السباك: أن جملة ما خرب من البيوت بالجانب الغربى خمسة آلاف وستمائة بيت. نقلت ذلك- وبعضه بمعناه- من تاريخ الشيخ علم الدين القاسم بن البرزالى، وقال فى تاريخه: إنه كتبه من كتاب ابن الساعى، وأنه اختصر بعضه.

ومن غريب ما وقع فى ذلك الغرق أن مقبرة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل تهدمت قبورها، ولم يبق إلا قبر الإمام أحمد فإنه سلم من الغرق، واشتهر هذا الأمر بها واستفاض.

قال: وورد كتاب شمس الدين بن منتاب يتضمن أن الماء حمل خشبا عظيم الخلقة، وزنت خشبة منه فكانت بالبغدادى ستمائة رطل، وجاء على الخشب حيّات كبار خلقتهن غريبة منها ما قتل، ومنها ما صعد فى النخل والشجر، وكثير منها مات، ولما نضب الماء أنبت على الأرض نباتا صورته صورة البطيخ، وشكله على قدر الخيار وفى طعمه محوحه [1] ، وأشياء غريبة الشكل من النبات. قال: ومحلة الصّراصرة صعد الماء فى دورها إلى الوسط وأكثر وأقل، وذكر أشياء من أمر الغرق اختصرتها، قال: وأما محلة الرقيقة [2] فإنها بقيت أرضا بغير حائط قائم، وغرقت مقبرة معروف، وتربة بنت المنذر وغيرها.

هذا ملخص ما حكاه مما لخصه هو، والله تعالى أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015