وظهر لمقدم العسكر أن الملك المجاهد قد ضاق من العسكر، وعمل على ما يحصل به الضرر التام، وسأل أن يفرق العسكر، ويتوجه بعضه إلى عدن، وبعضه إلى لحج وأبين وضبا [1] ونواحيها، وبعضهم إلى مخلاف جعفر، وبعضهم إلى بلاد المغلسى [2] وغير ذلك من الجهات، وقصد بذلك أن يفرق العسكر فى البلاد خوفا على نفسه منه، وقابل إحسان السلطان بالإساءة على ما نقل مقدم العسكر عنه.
ثم بلغ المقدم أن بهادر الصقرى قرر مع المجاهد أن يمنع أهل البلاد من بيع العلوفات على العسكر، وربما شهر النداء بذلك، وكان الأمر السلطانى قد برز لمقدم العسكر أنه متى ظفر ببهادر الصقرى يقتله، فأخر المقدم قتله ليطمئن غيره ممن كان قد خالف الملك المجاهد، ويحضروا، ثم ينفذ فيهم أمر السلطان.
فلما تحقق المقدم سوء طويته ركب إلى خيمة بهادر الصقرى، وقبض عليه وعلى الغياث بن نور، وكانا ممن خالف المجاهد وألّبا عليه كما تقدم، ثم رجعا إلى طاعته لما بلغهم قرب العسكر، ثم عملا على إفساد العسكر، ولما قبض على الصقرى،/ (198) وسّطه [3] لوقته، وقيد الغياث بن نور، وهو أيضا ممن رسم السلطان بقتله، وشهد عليه جمال الدين [محمد [4]] بن مؤمن، والزعيم عند مقدم العسكر- على ما حكاه المقدم فى مطالعته للسلطان- أنه عمل على الإضرار بالعسكر، ومنع الأجلاب عنه، فلم يزل فى القيد إلى أن رجع العسكر، ووصل إلى حرض فوسّطه [3] المقدم بالقرب من المخلاف السليمانى.
وأما الملك المجاهد، فإنه لما ضاق بالعسكر، واشتد خوفه منه، قال للمقدم: إن كان السلطان قد رسم لكم بالإقامة باليمن فالأمر إليه، وإن كان إنما أرسلكم لنصرتى فارجعوا إلى أبواب السلطان، وأحضر القاضى والشهود، وأشهد على نفسه أنه أذن للعسكر فى [5] العود، ثم طلع المجاهد إلى القلعة،