ثم توجه الأمير ركن الدين ببقية العسكر إلى تعزّ، فوجد رسله الذين أرسلهم إلى الملك الظاهر قد منعهم نائب قلعة تعزّ من التوجه إلى الدّملوة، واعتذر أنه خشى عليهم من الطرقات، فجهز معهم الأمير سيف الدين عطيفة أمير مكة، وتوجهوا إلى الملك الظاهر، واجتمعوا به، فوقف على المثال/ السلطانى، وكان يتضمن الاتفاق بين الملكين، فسأل الظاهر الكشف عن سيرته وسيرة المجاهد، وأن تكون قلعة الدّملوة للسلطان، ويكون نائبه بها، وأكرم الرسل غاية الإكرام، وأعادهم، وحصل من الملك المجاهد فى خلال ذلك اضطراب كثير، وعدم موافاة بما كان التزم به، وقرره على نفسه من النفقة على العسكر، وكان جميع ما أعطاهم فى جملة ثمن ما تنبّل للجند من الجمال ثمانية وأربعين ألف درهم، وطولب بعلوفات دوابهم، فاعتذر أن خيله لها سبعة أيام ما أكلت عليقا، وأنه لا شىء عنده، فالتمس منه أن يأمر رعيته ببيع العليق للجند، والجند يقومون بالثمن، فقال: ما عندى إلا ما تأخذونه بسيوفكم، ولم يكن مع المقدم مرسوم بالقبض على المجاهد، ولا نهب البلاد [1] ، فلذلك كف العسكر عنهم، وضاقت الميرة على العسكر، ومرض جماعة منهم، وتوجه جماعة من أجناد الحلقة إلى بعض الجهات ليبتاعوا ذرة برسم عليق دوابهم، فخرج عليهم جماعة من أهل جبل صبر، فأخذوا الجمال، وجرحوا الجمّال [2] ، فوصل الخبر إلى مقدم العسكر، فأرسل جماعة لكشف الخبر، فقاتلهم أهل/ (197) الجبل وكاثروهم، فركب بنفسه، وتوجه إليهم، فاعتصموا منه بالجبل، وهو جبل وعر صعب المسلك لا ماء فيه، فصعد جماعة من العسكر إلى الجبل مشاة، وقتلوا من أهله نحو ثلاثمائة نفر، واشتد العطش بالعسكر، فمات منهم خمسة [3] أحدهم من المماليك السلطانية، والآخر من الحلقة، وثلاثة من أصحاب الأمير سيف الدين قجماز بنخاص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015