فتوجه من الأبواب السلطانية إلى دمشق، فوصل إليها فى سابع شوال، ونزل بالمدرسة النّجيبيّة ظاهر دمشق، وكان يحضر إلى دار السعادة فى يومى الخميس والاثنين، ويجلس وكتاب الإنشاء بين يديه، ويقف الحجاب وغيرهم، وتقضى الأشغال، ويمد السّماط، ثم يركب فى الرابعة من النهار ويعود إلى النّجيبية، وينتصب بها فى بقية النهار لقضاء الأشغال، ولم يزل كذلك إلى أن بلغه عود الأمير تنكز من الحجاز، ففارق دمشق فى يوم الأحد تاسع عشر المحرم سنة اثنتين وعشرين، وتوجه إلى الديار المصرية، والتقى الأمير سيف الدين تنكز [1] بها بمنزلة الصمّان [2] ، وسلم عليه وودعه، فخلع تنكز [3] عليه، وأنعم عليه بمال، وتوجه إلى الأبواب السلطانية بالديار المصرية.
وفى يوم الجمعة السادس والعشرين من ذى الحجة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وصل إلى القاهرة المحروسة سيف الدين أوجى [4] ، أحد مماليك الأمير سيف الدين قجليس، وحسام الدين طرنطاى أحد مماليك القاضى كريم الدين بعد أن وقفا بعرفة، فذكر لى حسام الدين طرنطاى المذكور أن خروجهما من مكة- شرفها الله تعالى- كان فى يوم السبت ثالث عشر الشهر بعد العصر، وأن الوقوف بعرفة كان فى يومى الثلاثاء والأربعاء، ونحروا يوم الخميس، فكانت مسافة مسيرهما من مكة إلى القاهرة اثنى عشر يوما ونصف وربع يوم، على التحرير، وحضرا بين يدى السلطان، وتضمنت الكتب سلامة الأدر السلطانية، فخلع السلطان عليها، وأنعم عليهما من بيت المال بخمسة