عليه ذلك حسب طاقته، لأن المطلوب إصلاح المجتمع المسلم وبذل الوسع في تطهير عقيدته من شوائب الشرك ووسائله، وتطهير أخلاقه مما يضر المجتمع ويضعف إيمانه. ولا مانع من بداءته بعض الأوقات بغير الأهم، إذا لم يتيسر الكلام في الأهم، ولا مانع أيضا من اشتغاله بالأهم وإعراضه عن غير الأهم إذا رأى المصلحة في ذلك وخاف إن هو اشتغل بهما جميعا أن يخفق فيهما جميعا. وهكذا شأن المصلحين والأطباء المبرزين، يهتمون بطرق الإصلاح ويسلكون أنجعها وأقربها إلى النتيجة المرضية، وإذا لم يستطيعوا تحصيل المصلحتين أو المصالح، أو تعطيل المفسدتين أو المفاسد اهتموا بالأهم من ذلك واشتغلوا به دون غيره. ومن تأمل قواعد الشرع وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرة خلفائه الراشدين والأئمة الصالحين علم ما ذكرته، وعرف كيف يقوم بإرشاد الناس، وكيف ينتشلهم من أدوائهم إلى شاطئ السلامة. ومن صلحت نيته وبذل وسعه في معرفة الحق، وطلب من مولاه الهداية إلى خير الطرق وأنجعها في الدعوة، واستشار أهل العلم والتجارب فيما أشكل عليه، فاز بالنجاح وهدي إلى الصواب، كم قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]