في هذه المقارنة إلا مثل من قارن بين البعر والدر، أو بين الرسل والشياطين. ومن تأمل هذا المقام من ذوي البصائر، وسبر الحقائق والنتائج، ظهر له أن المقارنة بين القومية والإسلام أخطر على الإسلام من المقارنة بين ما ذكر آنفا. ثم كيف تصح المقارنة بين قومية غاية من مات عليها النار، وبين دين غاية من مات عليه الفوز بجوار الرب الكريم، في دار الكرامة والمقام الأمين؟ اللهم اهدنا وقومنا سواء السبيل، إنك على كل شيء قدير.

الجواب الثالث: لا ريب أن المرشدين هم أطباء المجتمع، ومن شأن الطبيب أن يهتم بمعرفة الأدواء ثم يعمل على علاجها بادئا بالأهم فالأهم، وهذه طريقة أنصح الأطباء وأعلمهم بالله وأقومهم بحقه وحق عباده: سيد ولد آدم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، فإنه صلى الله عليه وسلم لما بعثه الله بدأ بالنهي عن أعظم أدواء المجتمع وهو الشرك بالله سبحانه، فلم يزل صلى الله عليه وسلم من حين بعثه الله يحذر الأمة من الشرك ويدعوهم إلى التوحيد إلى أن مضى عليه عشر سنين، ثم أمر بالصلاة، ثم ببقية الشرائع، وهكذا الدعاة بعده: عليهم أن يسلكوا سبيله وأن يقتفوا أثره، بادئين بالأهم فالأهم، ولكن إذا كان المجتمع مسلما ساغ للداعي أن يدعو إلى الأهم وغيره، بل يجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015