إنه يطمئن إلى مجتمع واحد، المجتمع الذي مات ضميره والذي تفسخت أخلاقه، في هذا المجتمع الذي غاصت منه معاني الفضل واستغلظت فيه غرائز الشره وزحفت فيه ثعابين الأثرة، يستطيع الاستعمار أن يطمئن إلى يومه وغده، فإذا جاء الإسلام لمسح هذه الأقذار، طلب منه على عجل أن يعود إلى وكره ليخفى عن الأعين. . إنه اسم لا ينبغي أن يذكر وحقيقة لا يجوز أن تعيش.
هكذا حكم الاستعمار، حتى قيض الله لنا فكرة العروبة عنوانا نستطيع تحته أن ندفع غوائل الموت. وقد هششنا للفكرة، ورجونا من ورائها الخير. . وللعروبة المجردة مثل تعكر على الاستعمار مآربه. . إن التعليم في ظل الاحتلال الأجنبي أوجد أناسا تحركهم الشهوات وحدها، أناسا فرغت عواطف اليقين من أفئدتهم فهي هواء، فإذا جاءت إليهم العروبة فهل يعرفون أن العفة من خلائقها، وأن تقديس العرض من شمائلها، وأن المحافظة على الحريم من صفاتها الباطنة والظاهرة. . إن أمثال العرب في الجاهلية تشهد بما لهم من غيرة على نسائهم، فالمثل القائل: (كل ذات صدار خالة) يعني: أن العرب يجعلون في حكم الخالة كل من تلبس ثياب المرأة، فما ينظرون إليها إلا نظرة الاحترام والعفة، وذلك أن الخالة بمنزلة الأم،