نقد الشعر (صفحة 86)

لا يرمضُون إذا حرتْ مغافرهمْ ... ولا ترى منهمْ في الطعنِ ميَّالا

ويفشلونَ إذا نادَى ربيئهمْ ... ألا اركبنَّ فقد آنستُ أبطالا

فأراد أن يقول: ولا يفشلون فحذف لا فعاد المعنى إلى الضد ومن عيوب هذا الجنس، عكس العيب المتقدم، وهو أن يزيد في اللفظ ما يفسد به المعنى، مثال ذلك قول بعضهم:

فما نطفةٌ من ماءِ نحضٍ عذيبةٌ ... تمنعُ من أيدِي الرقاةِ ترومُها

بأطيبَ مِنْ فيها لو أنكَ ذقتهُ ... إذا ليلةٌ أسجتْ وغارتْ نجومهَا

فقول هذا الشاعر: لو أنك ذقته زيادة توهم أنه لو لم يذقه لم يكن طيباً.

عيوب ائتلاف اللفظ والوزن: منها الحشو.

الحشو: وهو أ، يخشى البيت بلفظ لا يحتاج إليه لإقامة الوزن.

مثال ذلك ما قال أبو عدي القرشي:

نحنُ الرؤوسُ وما الرؤوسُ إذا سمتْ ... في المجدِ للأقوَام كالأذنابِ

فقوله: للأقوام، حشو لا منفعة فيه.

وقال مصقلة بن هبيرة:

ألكْنِي إلى أهلِ العراقِ رسالةً ... وخصَّ بها، حييتَ، بكرَ بنَ وائلِ

فقوله: حييت، حشو لا منفعة فيه. ومنها التثليم.

التثليم:

وهو أن يأتي الشاعر بأسماء يقصر عنها العروض، فيضطر إلى ثلمها النقص منها، مثال ذلك قول أمية بن أبي الصلت:

لا أرَى من يعيننِي في حياتِي ... غيرَ نفسِي إلا بنِي إسرالِ

وقال في هذه القصيدة:

أيُّما شاطنٍ عصَاه عكاهُ ... ثمَّ يلقَى في السجنِ والأكبَال

وقال علقمة بن عبدة:

كأنَّ إبريقهمْ ظبيٌ على شرفِ ... مقدمٌ بسبا الكتان ملثومُ

أراد: بسبائب الكتان، فحذف للعروض. وقال لبيد بن ربيعة:

درسً المنا بمتالعٍ فأبانٍ

أراد المنازل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015