ولقد ذكرتكِ والصَّوارِمُ لُمَّعٌ ... من حَوْلِنا والسَّمْهَرِيَّةُ شُرَّعُ
وعلى مُكافحةِ السيوفِ ففي الْحَشَا ... شَوْقٌ إليكِ تَضِيقُ عنه الأضْلُعُ
ومن الصِّبا وهَلُمَّ جَرّاً شِيمَتِي ... حْفْظُ العهودِ فكيف عنها أرْجِعُ
عبد الله بن حسين بن محمد بن أحمد بن مبارك بن طرفة السالمي ابن طرفة طرفة طرف، لم يهجر منه للبراعة طرف.
فهو الشاعر الظريف، الحائز من الكمال التالد والطريف.
تجمل بأهداب الآداب، تجمل الأجفان بالأهداب.
فأقلامه تصوغ الدراري، وقراطيسه يضوع منها الداري.
بعباراتٍ عنبريةٍ، وإشارات عبيرية.
فدونك منها أزهار رياضٍ بعرفِ النشق تتنسم، ولآلىء ثغورٍ عن ماء الحياة تتبسم.
فمنها ما كتبه إلى أحمد الخلي المذكور آنفاً:
مَن لقلبٍ دائمِ الحَزَنِ ... ليس يخْلُو الدهرَ من شَجَنِ
ضاق ذَرْعاً بالهمومِ فهل ... ماجدٌ يُنْجِي من المِحَنِ
يشْتكي الدهرَ عَلَّ عسَى ... يلْتجِي منه إلى سَكَنِ
قد أضاعَ الوقتَ في نَفَرٍ ... كالرِّياضِ الخُضْرِ في الدِّمَنِ
ظاهراً راقُوا وقد خَبُثُوا ... باطناً فَعْماً مِن الإحَنِ
وغَنُوا بالمالِ عن أدَبٍ ... وبهم فَقْرٌ إلى الرَّسَنِ
وغَدَوا عارِين من حَسَبٍ ... واكْتَسَوا بالقُبْحِ والدَّرَنِ
فأنا ما بين أظْهُرِهمْ ... كغريبِ الدَّارِ والوَطَنِ
صابرٌ عَلَّ الزمانَ يفِي ... بصديقٍ قَطُّ لم يَخُنِ
وهْو في ظَنِّي ابنُ قاسم لا ... خَيَّبَ المَوْلَى به ظِنَنِي
أحمدُ المحمودُ سيِّدُنا ... مالكُ الأفْضالِ والمِنَنِ
من تسامَى أن يُحِيطَ به ... وَصْفُ مِنْطِيقٍ من اللَّسَنِ
فاضلٌ لم يَأْلُ مجتهداً ... في طِلابِ المجدِ ليس يَنِي
فاق في فضلٍ أُبُوَّتَهُ ... وجَرى منهم على السَّنَنِ
وهمُ أبناءُ مَحْمَدةٍ ... فِعْلُهم يَرْوِي عن الحسَنِ
شهدتْ في ذا فضائلهُ ... وعرَفْنا العِرقَ بالغُصُنِ
يا شهابَ الدين صِخْ لفتىً ... وُدُّه باقٍ على الزَّمَنِ
ليس يرجُو منك غيرَ وَفاً ... فاشْتَرِ عَبْداً بلا ثَمنِ
بيننا في وُدِّنا نسَبٌ ... ليس يخْفَى ذا على فَطِنِ
واحْتكِمْ ما شئتَ فيه على ... وَفْقِ ما ترضَى له تكُنِ
وابْقَ واسلَمْ ما تفَنَّن في ... سَحَرٍ طيرٌ على غُصُنِ
وأتبعه بنثرٍ صورته: يا سيدي الأعلى، وكنزي وشهابي الأسنى، وروضتي الغنا.
دام علاك، وهدم بناء عداك.
ولا زلت مأمون الغوائل، معتمد الوسائل، يوسفي الصباحة، حاتمي السماحة.
فلكي التأثير، قمري التصوير.
إبراهيمي الوفا، محمدي الأخلاق والصفا.
أنت راءُ الرِّضا وعينُ العطايَا ... أنت تاءُ التقى وصادُ الصَّلاحِ
أنت واوُ الوفا ومِيمُ المَعالِي ... أنت كافُ الكمالِ سينُ السَّماحِ
الموجب لتسطير هذه الخدمة علمكم بأنه لابد للإنسان من خلٍ يسكن إليه، فيشكو إليه حزنه، وينتصر به على من ظلمه، ويتوصل به إلى ما يشق عليه بلوغه بمفرده.
والمملوك قد تقرب إليك، وعول عليك، ورضي بك مالكاً فهل ترضى به مملوكاً، وتأخذ منه بذلك وثائق وصكوكا.
يراك كالشيخ إجلالاً، وكالوالد إكراماً، والولد حنواً وإشفاقاً.
ويلتمس منك ثلاثة أمور، وأنت الآمر بذلك لا المأمور: أولها؛ حفظ الود في الغيبة والحضور.
ثانيها؛ عدم سماع كلام الواشي والغيور.
ثالثها: رفع سجف الحشمة وطي بساط الكلف في القبض والسرور.
هذا ما أحاط به علمك، فرب أخٍ لم تلده أمك.
فكتب إليه مجيبا:
ذكَّر الماضِي من الزمَنِ ... خَفَقانُ البارقِ الْيَمَنِي
فَهمتْ من مُقْلتِي دِيَمٌ ... نِيْلُها أشْفقتُ يُغْرِقنِي