لو فاخَرَتْه الطِّباقُ السَّبْعُ لانْتكسَتْ ... وعاد كوكبُها الدُّرِّيُّ مَبْكوتَا
تسْتوقفُ العَيْنَ والأبصارَ بَهْجتُه ... وتجْمع الفضلَ مَشْهوداً ومنْعوتَا
يقول زائرُه هاتِ الحديثَ لنا ... عن زَوْرِه لا عَنِ الزَّوْراءِ أو هِيتَا
وصِفْ لنا نُورَهُ لا نُور عادِيةٍ ... باتتْ تُشَبُّ على أيْدِي مَصالِيتَا
مَثْوَى أجَلِّ الورَى قَدْراً وأرْحَبِهم ... صَدْراً وأرْفعِهم يومَ الثَّنَا صِيتَا
نَبِيُّ صِدْقٍ هَدَتْ أنوارُ غُرَّتِه ... بعد العَمَى للهُدَى مَن كان عِمِّيتَا
وأصْبحت سُبُلُ الدِّين الحَنِيفِ به ... عَوامِراً بعد أن كانتْ أمَارِيتَا
أحْيَى به اللهُ قوماً قام سَعْدُهمُ ... كما أماتَ به قَوْماً طَواغِيتَا
لَوْلاه ما خاطب الرحمنُ من بَشَرٍ ... ولا أبان لهم دِيناً ولاَهُوتَا
له يدٌ لا نُرَجِّي غيرَ نائِلِها ... وقاصِدُ البحرِ لا يرْجُو الهَرامِيتَا
فلو حَوَتْ ما حَوَتْه السُّحْبُ من كَرَمٍ ... لَما سمِعْتَ بها للرَّعْدِ تَصْوِيتَا
فقُل لِمَن صَدَّه عنه غَوايتُه ... لو اهْتدَيْتَ إلى سُبْلِ الهدى جِيتَا
ما رام حَصْرَ مَعالِيه أخُو لَسَنٍ ... إلاّ وأصبح بادِي العِيِّ صِمِّيتَا
يا أشْرفَ الرُّسْلِ والأمْلاكِ قاطِبةً ... ومَن به شَرَّفَ اللهُ النَّواسِيتَا
سَمْعاً لدعوةِ نَاءٍ عنك مُكْتَئِبٍ ... فكَمْ أغثْتَ كئيباً حين نُودِيتَا
يرجوك في الدِّين والدنْيا لِمَقْصدِه ... حاشا لِراجِيك مِن بأسٍ وحُوشِيتَا
أضْحَى أسيراً بأرضِ الهنْدِ مُغْترِباً ... لم يَرْجُ مَخْلَصَه إلاَّ إذا شِيتَا
فنجِّنِي يا فَدتْك النفسُ مِن بَلَدٍ ... أضْحتْ لِقاحُ العُلى فيها مَفالِيتَا
وقد خدَمْتُك من شِعْرِي بقافيةٍ ... نَبَّتُّ فيها بديعَ القَوْلِ تنْبِيتَا
وزانَها الفِكرُ من سِحْرِ البيانِ بما ... أعْيَى ببابِلَ هارُوتاً ومَارُوتَأ
جلَّتْ بمَدْحِك عن مثلٍ يُقاسُ بها ... ومَن يَقِيسُ بنَشْرِ المِسْكِ حِلْتِيتَا
عليك من صَلَواتِ الله أشْرَفها ... وآلِك الطُّهْرِ ما حُيُّوا وحُيِّيتَا
وقوله، من قصيدة أخرى، أولها:
يا دار مَيَّةَ باللِّوَى فالأجْرعِ ... حَيَّاكِ مُنْهَمِلُ الْحَيَا من أدْمُعِي
وسرَى نسيمُ الرَّوْضِ يسْحَب ذَيْلَه ... بمَصِيفِ أُنْسٍ في حِماكِ ومَرْبَعِ
لو لمْ تَبِيتِي من أَنِيسكِ بَلْقَعاً ... ما بِتُّ أنْدُب كلَّ دارٍ بَلْقَعِ
لم أنْسَ عَهْدَك والأحِبَّةُ جِيرَةٌ ... والعَيْشُ صَفْوٌ في ثَراكِ المُمْرِعِ
أيَّامَ لا أُصْغِي لِلَوْمةِ لئمٍ ... سَمْعاً وإن تُغْرِ الصَّبابةُ أسْمَعِ
حيثُ الرُّبَا تسْرِي برَيَّاها الصَّبا ... والرَّوضُ زَاهِي النَّوْرِ عَذْبُ المَشْرَعِ
تحْنُو عليَّ عَواطِفاً أغْصانُها ... عند المَبِيتِ به حُنُوَّ الُرْضِعِ
والوُرْقُ في عَذَبِ الغُصونِ سَواجِعٌ ... تشْدُو بمَرْأىً من سُعادَ ومَسْمَعِ
كم بِتُّ فيه صَرِيعَ كأسِ مُدامةٍ ... حِلْفَ البَطالةِ لا أُفِيقُ ولا أًعِي
أصْبُو بقلبٍ لا يزال مُوَلَّعاً ... في الحُبِّ بين مُعَمَّمٍ ومُقَنَّعِ
مُسْتهْتَرٌ طَوْعُ الصَّبابةِ في هَوَى ... قَمَرَيْ جمالٍ مُسْفِرٍ ومُبَرْقَعِ
ما ساءني أن كنتُ أوَّلَ مُغْرَمٍ ... بجمالِ رَبِّ رِداً ورَبَّةِ بُرْقُعِ
يقْتادني زَهْوُ الشبابِ وعِفَّتِي ... فيه عَفافُ الناسِكِ المُتورِّعِ