زَنْجِيةٌ من بنات الزَّنجِ تحسبُها ... حَظِّي تجسَّم جُثْمانا من البشرِ
كأن قامَتها ليلِي ومِنْخَرَها ... ذيلي فيالَك من طول ومن قِصَرِ
لها يدٌ ألِفَتْ خَطْفَ الكسارِ ولو ... باتتْ تُحوَّطُ بالهِنْديّةِ البُتُرِ
تسْطو على القُرْصِ سَطوَى غيرِ ذي جُبُنٍ ... لو أنه بيْن نابِ الليثِ والظُّفُرِ
كم غادرتْنِيَ من جوعٍ ومن سَغَبٍ ... حُزْناً أعَضُّ بَنانَ النادِم الحَصِرِ
ورُبَّ يومٍ غدا مَوْتي يُجرِّعني ... كاساتِه فيه حتى عِيلَ مُصْطَبَرِي
أرُوضُها تارةً عَتْباً وأزْجرُها ... طَوْراً فلم يُجْدِ تأْنيبِي ومُزْدَجَرِي
وربما أفْحمتْنِي القولَ قائلةً ... وليس كلُّ مَقالٍ بالجوابِ حَرِي
تخْشَى الرَّدَى وبُنودُ المجدِ خافِقةٌ ... على ابنِ مسعود فَرْعِ الفرعِ من مُضَرِ
وله من قصيدة:
بِذِي العَلمْين من شَرْقيّ حَاجِرْ ... تَوَقَّ أخا الغرامِ ظُبَا المَحاجرْ
فكم برُبَه من صَبٍ عَمِيدٍ لسائلِ دمعِه الثَّجَّاجِ ناهِرْ
به السُّودُ التي في السُّودِ منها ... فِعالُ السُّمْرِ والبيضِ البَواتِرْ
فأيُّ حَشاً يمُرُّ به خَلِيّاً ... وقد رمَقتْه هاتِيك الجَآذِرْ
به البِيضُ الرَّعابِيبُ السَّوافِرْ ... وآسادٌ بفَدْفَدِه قَساوِرْ
لَعَمْرُك ما سيوفُ الهندِ يوماً ... بأمْضَى من بواترِها الفَواتِرْ
عيونٌ ما مضنَحْنَ السُّقْمَ إلاَّ ... لقَدِّ القلبِ أو شَقِّ المَرَائرْ
مَرِضْنَ وما مَرضْنَ سُدىً ولكنْ ... لسَلْبِ قلوبِ أربْابِ البَصائرْ
بأُمِّي ثم بِي وأبِي رَبِيبٌ ... غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحولُ النَّواظِرْ
نَحِيلُ الخَصْرِ عَبْلُ الرِّدْفِ أحْوَى ... أزَجُّ الحاجبيْن أغَرُّ نافِرْ
يميِلُ بمِثْلِ غُصْنِ الْبانِ لَدْنٍ ... تُرنِّحه الصَّبا والغُصنُ ثامِرْ
ويُسْفِرُ عن مُحَيّاً لو رآه ... صَباحاً ذو الهدايةِ ضَلَّ حائرْ
ويبْسَم عن شَهِيِّ الظَّلْمِ عَذْبٍ ... تَرقْرَق فيه سَلْسَالُ الجواهِرْ
جَفَا جَفْنِي الكرَى مُذ بان عَنِّي ... فجَفْنِي مُذْ نأَى سَاهٍ وساهِرْ
وقال على مصطلح أرباب الحال، وهي قصيدة غريبة:
ربَّما عاكفٍ على الخَنْدَرِيسِ ... رَافلٍ في مَلابس التَّلْبيسِ
جَهْبَذٌ يملأُ الدفاترَ عِلْماً ... لم يُنَلْ باتَّقْريرِ والتَّدْريسِ
أيُّما خُطَّةٍ أردْتَ تجِدْه ... قَهْرماَ المَعقولِ والمَحْسوسِ
يعلَم السابقين من عَهْدِ طَسْمٍ ... ويُفِيدُ الطلاَّبَ عصرَ جَديسِ
علَمٌ لم يكن على رأسِه نَا ... رٌ ولكنْ كالنورِ في الحَنْدُوسِ
ماشياً عُمْرَه على نَهْجِ الصِّدْ ... قِ على ما به من التَّدْلِيسِ
دُغَةٌ مَرَّةً وآونةً قُسٌّ ... وطَوْراً يُمْلِيك عن إبليسِ
وعليمٌ بطِبِّ عِلَّةِ بقْرا ... ط ويهْزُو بجِدِّ جَالِينُوسِ
ارْمِه حيثُ شئتَ تلْقَ أخَا النَّجْ ... دةِ من آدمٍ ومن إدريسِ
لِعب الحبُّ منه بالجبَلِ الرَّا ... سِي وبالضَّيْغمِ الهَمُوسِ العَبُوسِ
مِن هوَى رَبَّةِ الحِجالِ ومَن قد ... لعبتْ مِن دَلالِها بالنفوسِ
والتي خيَّمتْ على كلِّ قلبٍ ... ورمَتْ كلَّ مُهْجةٍ برَسِيسِ
وأبَتْ أن تُرَى بعيْنِ مُحِبٍ ... قَطُّ إلاّ في صورةٍ ولَبُوسِ
لاح مِن نُورِها الأغَرِّ سَناءٌ ... فَتراءَى في نارِه للمَجُوسِ