وقد جئتك من شعره بما يصف نفسه إذا لاح، وإذا ارتصفت درر عقوده تغايرة عليها لبات الملاح.

فمنه قوله من قصيدة:

سَقَى طَلَلاً بين الأجارِعِ واللِّوَى ... وحَيَّى زماناً لم نُرَعْ فيه بالنَّوَى

ورَعياً لأيامٍ هناك سوالِفٍ ... قضيْنا بها عصر الشَّبِيبة والهَوى

بظِلِّ جَنابٍ والنَّدامَى عِصابةٌ ... كرامُ المساعي تُرغم الخَصْمَ إن غَوَى

على السَّفْحِ ما بين القُصَيرِ إلى الحِمَىإلى الحِصْنِ نَطْوِي الوُدِّ عنَّا وما انْطَوَى

لياليَ لا تُخْطِي سهامُ رَمَّيتِي ... ولا عاقَنِي الوالي الغَيُورُ وإن زَوَى

وأصبحتُ يَثْنيني الحِجَى عن هَوِيَّتِي ... ويمنعني دهرٌ تمادَى وما ارْعَوَى

فللهِ كم من يومِ دَجْنٍ وصَلْتهُ ... بلَيلٍ على الرَّبْعِ الجنوبِي وما حَوَى

وساعاتِ أُنْسٍ كلما عَنَّ ذِكْرُها ... يُهيِّجني فَرْط الصَّبابةِ والجَوى

لكلِّ غَضِيضِ الطَّرْفِ أحْوى إذا رَنَا ... سَباكَ النُّهى والصبرَ واسْتأثر القُوَى

إذا افْتَرَّ عن ثَغْرٍ حكى الدُّرَّ نَظْمُه ... وإن لاح قلت الشمسُ حَلَّتْ في الاسْتِوا

يُشِيرُ فأدْرِي ما يقول برَمْزِه ... فأقْضِيَ على ما في هَواه بما نَوَى

عليم بعِلاَّتِ الغَوانِي وطِيبِها ... ومُفْتِي النَّدامَى في مُحاورةِ الهَوَى

وكتب إلى السيد علي بن معصوم:

برُوحِيَ مَجْبولاً على الحبِّ طَبْعُه ... وقلبيَ مجبولٌ على حُبِّه طَبْعَا

يُراقِبُ أيامَ المُحرَّم جاهداً ... فيُطلِعُ بدراً والمُحبُّ له يَرْعَى

كلِفتُ به أيامَ دهرِيَ مُنْصِفٌ ... ووجهُ الصِّبا طَلْقٌ وروضُ الهوى مَرْعَى

جنَيْنا ثمارَ الوصلِ من دَوحةِ المُنَى ... لياليَ لا وَاشٍ ولا كاشحٌ يسعَى

فللهِ أيامٌ تقضَّتْ ولم تَعُدْ ... يَحِقُّ لعَيْنِي أن تَسِحَّ لها دَمْعَا

فراجعه بقوله:

بنفسِيَ مَن قد حاز لَوْنَ الدُّجَى فَرْعَا ... ولم يكفْهِ حتى تقمَّصه دِرْعَا

بَدَا فكأن البدرَ في جُنْحِ ليلهِ ... تعلّم منه كيف يصْدعُه صَدْعَا

نمَتْه لنا عَشْرُ المُحرَّم جَهْرةً ... يُطارِحُ أتْراباً تكنَّفنه سَبْعَا

تبدَّى على رُزْءِ الحسينِ مُسوَّداً ... وما زال يُولي في الهوى كَرْب لا مَنْعا

وقد سَلَّ من جَفْنيْه عَضْباً مُهنَّداً ... كأنَّ له في كلِّ جارِحةٍ وَقْعا

هناك رأيتُ الموتَ تَنْدَى صِفاحُه ... وناعِي الأسَى يَنْعَى وأهلُ الهوى صَرْعَى

وكتب إليه ابن معصوم في لا بس أسود مستجيزاً في عشر المحرم:

لا تقُلِ البدرُ لاح في الغَسَقِ ... هذا سوادُ القلوبِ والْحَدَقِ

إنسانُ عيني بدَا بأسْودِها ... فعاد لي إذْ رَمَقْتُه رَمَقِي

يا لابِساً للسَّوادِ طِيبَ شَذاً ... ما المسكُ إلاّ من نَشْرِك العَبِقِ

لبِسْتَ لَوْنَ الدُّجَى فسَرَّ وقد ... أغَرْتَ ضوءَ الصباحِ في الأُفُقِ

حتى بدا وهْو فيه مُنْفَلِقٌ ... يشُقُّ ثوبَ الظلامِ عن حَنَقِ

فأجازه بقوله:

رُوحِي فِدَا مَن أعاد لي رَمَقِي ... لَمَّا بَدَا كالهلالِ في الشَّفَقِ

يهْتزُّ كالغُصْنِ في غَلائلهِ ... ويرشُق القلبَ منه بالرَّشَقِ

قلتُ له مُذْ بدَا يُعاتبنِي ... ويمزُج الهَزْلَ منه بالحَنَقِ

لو أنْصَفَ الدهرُ يا شِفَا سَقَمِي ... ما بِتُّ أرْعَى النجومَ من أَرَقِ

لكن عسَى عَطْفةٌ تُسَرُّ بها ... فيها سرورُ القلبِ والْحَدَقِ

ومن شعره في النسيب قوله:

للهِ دَرُّ ظِباءِ الهنْدِ كم ترَكتْ ... من ماجدٍ دَنِف الأحْشاءِ مُضْطَرِمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015