ويَرى سَفْك دمِ العشاقِ فَرْضاً ... في هَواه أو يمُوتون غَرامَا

زارَني وَهْناً ولا أعرف لِي ... منه مِيعاداً فأدركتُ المَرامَا

جاء في حُلَّةٍ من سُنْدُسٍ ... ثمِل الأعْطافِ سُكْراً يتَرامَى

فاعْترتْني دَهشةٌ من حسنِه ... حين أرْخَى لي عن الوجهِ اللِّثامَا

منها:

ليلةٌ كانت كإبْهامِ القَطَا ... أو كرَجْع الطَّرْف قِصْراً وانصِرامَا

حيثُ كان العيشُ غضّاً والصِّبا ... مَجْمَعَ اللذَّاتِ والدهرُ غُلامَا

يا حَماماً ناح في أيْكَتهِ ... صادِحاً ما كنتَ لي إلاَّ حِمامَا

تندُبُ الإلْفَ ولا تَذْرِي دَماً ... ودُموعِي تُشْبِه الغيثَ انْسِجامَا

السيد علوي بن إسماعيل من خلص الأسرة العلوية، الضاربين خيامهم في المنازل العلوية.

له في هجر ذكرٌ لم يعرف الهجر، وفضائل توضحت مثلما توضح الفجر.

أطلعته السيادة من شرقها، فوضعته تاجاً فوق فرقها.

وهو في الكمال مخلوق على أحسن فطرة، والبحران عنده لا يتجاوزان قطرة.

وقد رأيت له في النسيب ثلاثة عشر بيتاً، تحيي الطرب إذا كان ميتاً.

فأثبتها وأنا مستطار فرحاً، وأهز عطفي بحسن انسجامها مرحاً.

وهي قوله:

بنفسِي أُفَدِّي وقلَّ الفِدا ... غزالاً بوادِي النَّقا أغْيَدَا

مَلِيحاً إذا فُضَّ عن وجهِه ... نِقابُ الحيَا خِلْتَ بدراً بَدَا

غزالاً ولكنْ إذا ما نَصْب ... شِراكاً لأصطادَه اسْتأْسَدَا

سقيمُ اللَّواحظِ مكحولُها ... ولم يعرف المِيلَ والإثْمِدَا

رشيقُ القوامِ إذا هَزَّه ... رأيتَ الغصونَ له سُجَّدَا

له رِيقَةٌ طعمُها سُكَّرٌ ... يُجَلِّي الصَّدَا ويُرَوِّي الصَّدى

ولَحْظٌ كعَضْبٍ ولكنَّه ... يشُقُّ القلوبَ وما جُرِّدَا

تفرَّد بالحُسْن دون المَلاَ ... فسبحان مَوْلىً له أفْرَدَا

نأَى بعدُ فهْو لغيرِي ولِي ... قريبُ المَزارِ بعيدُ المَدَى

رعَى اللهُ أيامَنا الماضيات ... وعيشُ الفُتَاءِ به أرْغَدَا

وصَبَّ على تُرْبِ تلك الرُّبوعِ ... مُثْعَنْجِراً مُبْرِقاً مُرْعِدَا

إلى حيثُ أخْفَتْ صُروفُ الزمانِ ... وشَمْلُ الوِصالِ بها بُدِّدَا

وأضْحَتْ قِفاراً وليس بِهِنَّ ... من ذلك الجَمْعِ إلا الصَّدَى

إذا قلتُ أين حبيبي غَدَا ... يُجيب بأيْنَ حبِيبي غَدَا

السيد محمد بن عبد الحسين بن إبراهيم بن أبي شبابة جمال هذا البيت وجملة مفاخره، وفذلكة حسابه المنوطة به أحساب أوائله وأواخره.

تكونت بالبحرين جوهرة ذاته، وبها كانت أوطانه وأوطار لذاته.

ولما حلت بيد الشباب تمائمه، وصدحت في أفنان الفتوة حمائمه.

تنقل في البلاد فأحرز الطارف من الكمال والتلاد.

كما تنقل الدر من البحر، فعلا على التاج والنحر.

ثم أقام آخراً بأصبهان، وبها انتقل من دار العياء والامتهان.

فمن شعره قوله، من قصيدة يمدح بها النظام ابن معصوم، وهو بالهند.

ومطلعهام:

أرى عَلماً ما زال يخفُق بالنَّصْرِ ... به فوق أَوْج المجد تعلُو يدُ الفَخْرِ

مضَى العمرُ لا دنيا بلغتُ بها المُنَى ... ولا عملاً أرْجُو به الفوزَ في الحشرِ

ولا كَسْبُ علمٍ في القيامةِ شافعٍ ... ولا ظفِرت كفِّي بمُغْنٍ من الوَفْرِ

وأصبحتُ بعد الدَّرْسِ في الهند تاجراً ... وإن لم أفُز منها بفائدة التَّجْرِ

طوَيتُ دَواوينَ الفضائل والتقى ... وصرتُ إلى طَيِّ الأمانِيِّ والنَّشْرِ

وسوّدت بالأوْزارِ بِيضَ صحائفي ... وبيَّضْت سودَ الشِّعر في طلَب الصُّفْرِ

وبعتُ نَفِيسَ الدِّين والعمرِ صَفْقةً ... فيا ليت شِعرِي ما الذي بهما أشْرِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015