وهو إذا اتفق حضوره في موضع تقام فيه الجمعة فسمع النداء (?) لها، لا أنها تلزم المسافر مطلقًا حتى يحرم عليه السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخلها مجتازًا مثلًا، وكأن ذلك رجح عند البخاري، ويتأكد عنده بعموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فلم يخص مقيمًا من مسافر وأما ما احتج به ابن المنذر على سقوط الجمعة على المسافر بكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر جمعًا بعرفة وكان يوم الجمعة فدل ذلك من فعله على أنه لا جمعة على المسافر فهو حمل صحيح إلا أنه لا يدفع الصورة التي ذكرتها. اهـ.
وقال الموفق (3/ 216): وأما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه، كذلك قاله مالك في أهل المدينة والثوري في العراق والشافعي وإسحاق وأبو ثور، وروي ذلك عن عطاء وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي، وحكي عن الزهري والنخعي أنها تجب عليه لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى، ولنا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسافر ولا يصلي الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة فصلى الظهر وجمع بينها ولم يصل جمعة، والخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - كانوا يسافرون للحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم. وقد قال إبراهيم: كانوا يقيمون بالري السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنين