والجواب عن الأول ما ذكره الحافظ في «الفتح» (7/ 66): على قولها - رضي الله عنها -: (ولأوثرنه اليوم على نفسي) قال الحافظ: استدل به وباستئذان عمر على أنها كانت تملك البيت وفيه نظر، بل الواقع أنها كانت منفعته بالسكنى فيه والإسكان ولا يورث عنها، وحكم أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كالمعتدات لإنهن لا يتزوجن بعده - صلى الله عليه وسلم - وتقدم شيء من هذا في أواخر الجنائز وتقدم فيه وجه الجمع بين قول عائشة: ولأوثرنه على نفسي، وبين قولها لابن الزبير: (ادفني عندهم) باحتمال أن تكون ظنت أنه لم يبق هناك وسع ثم تبين لها إمكان ذلك بعد دفن عمر ويحتمل أن يكون مرادها بقولها: ولأوثرنه على نفسي، الإشارة إلى أنها لو أذنت في ذلك لامتنع عليها الدفن لمكان عمر لكونه أجنبيًا منها بخلاف أبيها وزوجها ولا يستلزم ذلك أن لا يكون في البيت سعة أم لا ولهذا كانت تقول بعد دفن عمر: لم أضع ثيابي منذ دفن عمر في بيتي. أخرجه (?) ابن سعد وغيره وروي عنها حديث لا يثبت أنها استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - إن عاشت بعده أن تدفن إلى جانبه فقال لها وإني لك بذلك وليس في ذلك الموضع إلا قبري وقبر أبي بكر وقبر عمر وعيسى بن مريم، وفي أخبار المدينة من وجه ضعيف عن سعيد بن المسيب، قال: إن قبور الثلاثة في صفة بيت عائشة وهناك موضع قبر يدفن فيه عيسى - عليه السلام -. اهـ.
وقال الحافظ أيضًا - رحمه الله - في (3/ 258) في «الجنائز»: على ما أخرجه البخاري عن عائشة - رضي الله عنهما -: أنها أوصت عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -: لا تدفني معهم وادفني مع صواحبي بالبقيع لا أزكى به أبدًا. قال: أي لا يثنى عليّ بسببه ويجعل لي بذلك مزية وفضل وأنا في نفس الأمر يحتمل أن لا أكون كذلك، وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس بخلاف قولها لعمر: أريده لنفسي