ذلك بوجوه:
أن قبره - صلى الله عليه وسلم - لما كان يقبر في مكانه الذي مات وهذا من خصائصه وكانت السكنى في الحجرة من قبل أزواجه حاجة ملحة، ولم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهن عن الصلاة في هذه الحجرة حجرة عائشة فيحتمل الخصوصية وهذا الوجه عندي فيه نظر. فقد صرح شيخ الإسلام في «الفتاوى» (1/ 355): أنه لا يلزم من جواز الشيء في حياته جوازه بعد موته، فإن بيته كانت الصلاة فيه مشروعة، وكان يجوز أن يكون مسجدًا، ولما دفن فيه حرم أن يتخذ مسجدًا. وقال - رحمه الله - في «الفتاوى» (27/ 324) ففي حياة عائشة - رضي الله عنها - كان الناس يدخلون عليها لسماع الحديث لاستفتائها وزيارتها من غير أن يكون إذا دخل أحد أن يذهب إلى القبر المكرم لا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك، بل ربما طلب بعض الناس منها أن تريه القبر فترياه إياهن ... ثم ذكر أثر سفيان التمَّار، ويأتي. ونقل عنه في «الصارم» نحوه (ص: 396).
وقال أيضًا: (27/ 328): فإنه في حياة عائشة - رضي الله عنها - ما كان أحد يدخل إلا لأجلها، ولم تمكن أحد أن يفعل عند قبره شيئًا مما نهى عنه، وبعدها كانت مغلقة إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبني عليها حائط آخر.
ونقل في «الصارم» عنه (ص: 408) قوله: مع أن قبره حين دفن لم يمكن أحد من الدخول إليه لزيارة ولا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك، ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها وكانت ناحية عن القبور لأن القبور في مقدم الحجرة وكانت هي في مؤخرة الحجرة، ولم يكن الصحابة يدخلون هناك. اهـ.
ولقائل أن يقول: ما وجه سكنى عائشة للحجرة والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يورث بل ما تركه صدقة، فلا حاجة للسكنى ولا للصلاة؟