نفح العبير (صفحة 134)

مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فإن التفقه في الدين وتعلم ما أنزل الله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، من أعظم الطاعات وأجل العبادات، والناس إزاء التنزيل وما بعث الله به رسوله هم كما قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي موسى الذي في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فَقُه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».

شبه - صلى الله عليه وسلم -، العلم والهدى الذي جاء به بالغيث؛ لما يحصل بكل واحد منهما من الحياة والمنافع والأغذية والأدوية وسائر مصالح العباد. وشبه القلوب بالأراضي التي يقع عليها المطر، لأنها المحل الذي يمسك الماء فينبت سائر أنواع النبات النافع، كما أن القلوب تعي العلم فيثمر فيها ويزكو وتظهر بركته وثمرته، ثم قسم الناس إلى ثلاثة أقسام بحسب قبولهم واستعدادهم لحفظه وفهم معانيه واستنباط أحكامه واستخراج حكمه وفوائده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015