والفصول، فقال أحد الحاضرين: إنّي لأعجب من قعود ابن عمار، عن هذا المضمار، مع ميله إلى السّماع، وكلفه بمثل هذا الاجتماع، فقال ذو الرياستين: إن الجواب تعذر، فلذا اعتذر، لنّه يعاني قوله ويعلّله، ويروّيه ولا يرتجله، ويقوله في المدة الممتدّة، فرأى أن الوصول بلا جواب إخجال لأدبه، وإخلال لمنازله في الشعر ورتبه، فلمّا كان من الغد ورد ابن عمار ومعه الجواب، وهو:
هصرت لي الآمال طيّبة الجنى ... وسوّغتني الأحوال مقبلة الدّنى
وألبستني النّعما أغضّ من النّدى ... وأجمل من وشي الرّبيع وأحسنا
وكم ليلةٍ أحظيتني بحضورها ... فبتّ سميراً للسّناء وللسّنا
أعلّل نفسي بالمكارم والعلا ... وأذني وكفّي بالغناء وبالغنى
سأقرن بالتمويل ذكرك كلّما ... تعاورت الأسماء غيرك والكنى
لأوسعتني قولاً وطولاً كلاهما ... يطوّق أعناقاً ويخرس ألسنا
وشرّفتني من قطعة الروض بالتي ... تناثر فيها الطّبع ورداً وسوسنا
تروق بجيد الملك عقداً مرصّعاً ... وتزهو على عطفيه برداً مزيّنا (?)
فدم هكذا يا فارس الدّست والوغى ... لتطعن طوراً بالكلام وبالقنا وأخبرني الوزير [الكاتب أبو جعفر] (?) ابن سعدون أنّه اصطبح (?) يوماً بحضرته وللرذاذ رشّ، وللربيع على وجه الأرض فرش، وقد صقل الغمام الأزهار حتى أذهب نمشها، وسقاها فأروى عطشها، فكتب إليه:
فديناك لا يسطيعك النظم والنثر ... فأنت مليك الأرض، واتصل (?) الأمر