فيسيرون طوع الزمام، ويلقون مقادة التذلل والاستسلام، حتى يلجأوا بالرغام، وينزلوا بطون الرجام، ويحلّوا الوهد بعد المقام السام، فلا نناج من خطبها العظيم ولا سليم، يتساوى في حكم المنية الأغر والبهيم، والأعز والمضيم.

ولو أنّه ينجو من ذلك مجد صميم، وجدّ كريم، وحظ عظيم، ومضاء وعزيم، ومزية وتقديم، وحديث في الفضل وقديم، وشرف لسمك السّموات مُسام، وعلىً على ساق العرش المجيد ذو ارتسام، لنجا حبيب الملك العلام، وسيّد السادات الأعلام، وصفوة الصفوة الكرام، وخاتم الأنبياء ولبنة التمام، وصباح الهدى ومصباح الظلام، والأبيض المستسقى به غيث الغمام، ثمال الأرامل وعصمة الأيتام، عليه أفضل الصلاة والسلام، لكن مع قدره الجليل وفضله الجلي، أقدم الموت على جانبه العلي، وتقدم ملك الموت لقبض روحه القدسي وتغيب في الثرى جمال ذلك الوجه البهي، وتغيض ماء السّماء والندى، لملك السماحة النبويّة والندى، وأصيب المسلمون وأعظم بها مصيبة بنبيّهم العربي، الهاشمي القرشي، فيا له وللإسلام، من مصاب أسلمنا للحزن أيّ إسلام، وأسال مياه الدموع عن احتراق للضلوع واضطرام، وأرانا أن الأسى في رزية لخير البرية واجب وأن التأسي حرام.

وهل يسوغ الصبر الجميل، في فقيد بكنه الملائكة وجبريل، وكثر له في السموات السبع النحيب والعويل انقطع به عن الأرض الوحي الحكيم والتنزيل، وعظمت الرزية به أن يؤدي حقيقتها الوصف (?) والتمثيل، غداة أقفر منه الرّبع المحيل، وأوحش من أنسه السفح والنخيل، وكان من تلك الروح الطاهرة الوداع والرحيل، وقامت البتول تندب أباها بقلب قريح وجفن دام، وتنادت الأمّة مات الرسول ففي كل بيت بكاء وانتحاب ونوح والتزام، وحارت الألباب والعقول فلا صبر هنالك لقد زلّت عن الصبر الأقدام. ولمّا نعيت إليه صلى الله عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015