واصطفائه، المنتقى من صميم الصميم وصريح الصريح بجملة (?) آبائه، المرتضى الأمانة والمكانة بإبلاغ أمر الله وأدائه، أرسله الله للناس كافة عموماً لا يتخصص باستثنائه، وفضّله بالآيات الباهرة والمعجزات الظاهرة على أمثاله من المرسلين ونظرائه، ورقّاه إلى الدرجات العلا وأنهاه إلى سدرة المنتهى ليلة إسرائه، وحباه بالخصائص التي لا يضاهى بها بهاء كمله وكمال بهائه، وردّاه رداء العصمة فكانت عناية الله تكنفه عن يمينه وشماله وأمامه وورائه (?) ، ووفاه من حظوظ البأس والندى ما شهد بمزيته على الليث والغيث في إبائه وانهمائه، صلى الله عليه وعلى آله مصابيح الهدى ونجوم سمائه، صلاة تتصل ما سمح البدر بائتلاق أنواره والقطر باندفاق أنوائه، وسلّم تسليماً ".
ومن نثره رحمه الله تعالى رسالة كتب بها من الأندلس إلى سيد الكونين صلى الله عليه وسلّم، وهي:
السلام العميم الكريم، والرحمة التي لا تبرح ولا تريم، والبركة التي أوّلها الصلاة وآخرها التسليم، على حضرة الرسالة العامة الدعوة والنبوة، المؤيدة بالعصمة والأيد والقوة، ومثابة البر والتقوى فهي لقلوب الطيبين صفاً ومروة، مقام سيد العالمين طرّاً، وهاديهم عبداً وحرّاً، ومنقذهم من أشراك الهلاك وقد طالما ألفوا العيش ضنكاً والدهر مرّاً، ومقر الأنوار المحمدية، والبركات السرمدية، أمتع الله تعالى الإسلام والمسلمين بحراسة أضوائها، وكلاءة ظلالها العلية وأفيائها، وأقر عين عبدها بلثم ثراها، والانخراط في سلك من يراها.
" السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا أبا القاسم، سلام من يمدّ إليك يد الغريق، ويرجو الإنقاذ ببركتك من نكد المضيق، ويتقطع أسفاً ويتنفس صعداً كلّما ازدلف إليك فريق، وعمرت نحوك طريق،