الكاتب من محاسن، ماؤها غير آسن.
وقد عرّف لسان الدين في الإحاطة بابن الجنان، وأطال في ترجمته، ونشير إلى بعض ذلك باختصار.
وهو محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري من أهل مرسية، أبو عبد الله ابن الجنان.
كان محدثاً راوية ضابطاً، كاتباً بليغاً شاعراً بارعاً، رائق الخط، ديناً فاضلاً، خيراً ذكيّاً، استكتبه بعض أمراء الأندلس فكان يتبرم من ذلك ويقلق (?) منه، ثم خلصه الله تعالى منه، وكان من أعاجيب الزمان في إفراط القماءة، حتى يظن رائيه الذي استدبره أنّه طفل ابن ثمانية أعوام أو نحوها، متناسب الخلقة، لطيف الشمائل وقوراً، خرج من بلده حين تمكن العدوّ من قبضته سنة 640، فاستقرّ بأربولة إلى أن دعاه إلى سبتة الرئيس أبو علي ابن خلاص (?) ، فوفد عليه، فأجلّ وفادته، وأجزل إفادته، وحظي عنده حظوة تامّة، ثم توجّه إلى إفريقية، فاستقر ببجاية، وكانت بينه وبين كتّاب عصره مكاتبات ظهرت فيها براعته، وروى ببلده وغيره عن أبي بكر ابن خطاب وأبي الحسن سهل بن مالك وابن قطرال وأبي الربيع ابن سالم وأبي عيسى ابن أبي السداد وأبي علي الشلوبين وغيرهم، وكان له في الزهد ومدح النبي صلى الله عليه وسلّم بدائع، ونظم في المواعظ للمذكرين كثيراً؛ انتهى مختصراً، وإلا فترجمته في الإحاطة متسعة، رحمه الله تعالى.
ولمّا كتب له أبو المطرف ابن عميرة برسالته الشهيرة التي أوّلها تحييك الأقلام تحية كسرى، وتقف دون مداك حسرى وهي طويلة، أجابه بما