بحر يعبّ عبابه، ودار بكم سور بيد عدوّكم بابه، ولا يدرى متى ينتهي السّلم، وينشعب الكلم، فإن لم تكونوا بناء مرصوصاً، وتستشعروا الصبر عموماً وخصوصاً، أصبح الجناح مقصوصاً، والرأي قد سلبته الحيرة، والمال والحريم قد سلبت فيه الضنانة والغيرة، وإن شاء الله تهبّ ريح الحميّة، ونصرة النفوس على الخيالات الوهمية، فإن العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين، والله متم نوره على رغم الجاحدين وكره الكافرين " وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصّابرين " البقرة: 249.

واعتقدوا أن الله تعالى لم يجعل الظهور مقروناً بعدد كثير، ولو مثل جراد مزرعة أثارها مثير، بل بإخلاص لا يبقي لغير الله افتقاراً، ونفوس توسع ما سوى الحق اقتداراً، ووعد يصدق، وبصائر أبصارها إلى مثابة الجزاء تحدق، وهذا الدين ظهر مع الغربة، وشظف التربة، فلم ترعه الأكاسرة وفيولها، والقياصرة وخيولها، دين حنيف، وعلم منيف، من وجوه شطر المسجد الحرام تولى، وآيات على سبعة أحرف تتلى، وزكاة من الصميم تنتقى، ومعارج ترتقى، وحج وجهاد، ومواسم وأعياد، ليس إلا تكبير شهير، وأذان جهير، وقوّة تعد، وثغور تسد، وفيء يقسم، وفخر يرسم، ونصيحة تهدىة، وأمانة تؤدى، وصدقة تخفى وتبدى، وصدور تشرح وتشفى، وخلق على خلق القرآن تحذى وتقفى، قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهذا العقلد قد سجّل، والوعد به قد عجّل " اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي؛ ورضيت لكم الإسلام ديناً " المائدة: 3 ولا ينقطع لهذا الفرع عادة وصله، ما دام شبيهاً بأصله، وإنّما هو حلبٌ لكم زبدته الممخوضة، وخلاصته الممحوضة، والعاقبة للمتقين " ولتعلمنّ نبأة بعد حين " ص: 88.

وحضرتكم اليوم قاعدة الدين، وغاب المجاهدين، وقد اخترعت بنا أيامنا هذه وأيام والدنا المقدس الآثار الكبار، والحسنات التي تنوقلت بها الأخبار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015