فوجب علينا أن نستميلكم بالموعظة الحسنة، والذكرى التي توقظ من السّنة، ونقرع آذانكم بقوارع الألسنة، فأفزعوا الشيطان بوعيها، وتقربوا إلى الله تعالى برعيها، الصلاة الصلاة فلا تهملوها، ووظائفها المعروفة فكملوها، فهي الركن الوثيق، والعلم الماثل على جادة الطريق، والخاصة التي يتميز بها هذا الفريق، وبادروا صفوفها الماثلة، وأتبعوا فريضتها النافلة، وأشرعوا إلى تاركها أسنّة الإنكار، واغتنموا بها نواشىء الليل وبوادي الأسحار، والزكاة أختها المنسوبة، ولدتها المكتوبة المحسوبة، فمن منعها فقد بخل على مولاه، باليسير ممّا أولاه، وما أحقّه بذهاب هبة الوهاب وأولاه؛ فاشتروا من الله تعالى كرائم أموالكم بالصّدقات، وأنفقوا في سبيله بربحكم أضعاف النفقات، ووسوا سؤالكم كلّما نصبت الموائد، وأعيدت للترفّه العوائد، وارعوا حق الجوار، وخذوا على أيدي الدّعرة والفجّار، وأخرجوا الشّنآن من الصدور، واجعلوا صلة الأرحام من عزم الأمور، وصونوا عن الاغتياب أفواهكم، ولا تعوّدوا السفاهة شفاهكم، وأقرضوا القرض الحسن إلهكم، وعلموا القرآن صبيانكم، فهو أسّ المبنى، وازرعوه في تراب ترائبهم فعسى أن يجنى، ولا تتركوا النصيحة لمن استنصح، وردوا السلام على من بتحية الإسلام أفصح، وجاهدوا أهواءكم فهي أولى ما جاهدتم، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم، وثابروا على حلق العلم والتعلّم، وحفوا بمراقي التكلّم، وتعلّموا من دينكم ما لا يسعكم عند الله تعالى جهله، ويتبين أنّكم أهله، فمن القبيح أن يقوم أحدكم على وقاية برّه وشعيره، ورعاية شاته وبعيره، ولا يقوم على شيء يخلص به قاعدة اعتقاده، ويعدّه منجاة ليوم معاده، والله عزّ وجل يقول ولقوله يرحل المنتجعون " أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثاً وأنّكم إلينا لا ترجعون " المؤمنون: 115.
وائنفوا من الحوادي الشنيعة، والبدع التي تفتّ في عضد الشريعة، فقد شنّ علينا الملبّسة بأهل التصوّف المغار، ونال حملتها بل جملتها بإغماضهم