وسواق تجري به بماء معين، ثم لعبت به أيدي السنين، وغيرت معالمه فصار عبرة للناظرين، فلم يبق من معاهده إلا آثار تشهد بحسنه، ونضرة نعيم تدل على ما سلف من نضارة غصنه؛ وقد خرجنا إلى هذا الوادي أيام مجاورتنا بالمدينة الشريفة، وهو يتدفّق بمائه، ويعارض بجوهر حبابه أنجم سمائه، وقد سالت شعابه، وفاض عبابه، والناس تفرقوا في جهاته، وافترشوا غضّ نباته، والشّيح قد توشّح بالندى، والأنس قد راح به وغدا، والأصيل مذهب الرداء، والبيداء مخضرة الأنداء، وبحافته آثار قصور، ليس لها في الحسن قصور، قد بليت وحسنها جديد، وخربت وربعها بالأنس مشيد؛ انتهى.
ومن بديع نظمه قوله:
مهلاً فما شيم الوفا منقادة ... لمن ابتغى من نيلها أوطارا
رتب المعالي لا تنال بحيلة ... يوماً ولو جهد الفتى أو طارا وقوله رحمه الله تعالى:
على وادي العقيق سكبت دمعي ... بلا عين فيبدو كالعقيق
فكم غصن وريق منه يحكي ... قوام رشا شهيّ فم وريق وقال:
سألتك بالله يا من غدا ... يصرّف بالقلب أفعاله
تدارك محبّاً بدرياق وصل ... فإنّ عبادك أفعى له وقال:
لا تأمننه على القلو ... ب فمنه أصل غرامها
فلحاظه هنّ التي ... رمت الورى بسهامها ومن فوائده رحمه الله تعالى في شرح البديعية ما نصّه: ومن غريب ما في