هل لي إلى تلك المعالي عودة ... أو جرعة من ذلك الماء الروّى
لا تعجبوا من لعب الدهر بنا ... فأيّ إنسان على حال سوا
إن عشت لاقيتهم وإن أمت ... فإنّما الدنيا فناء وتوى
إنّ رسول الله مذ أمّلته ... فالدهر قد أضمر نصحي ونوى
إي والذي مازال يسري جاهداً ... حتى أتى ميقاته وما ونى
فقدّم الغسل وصلى ونضا ... أثوابه مستغفراً ممّا جنى
ثمّ نوى ملبياً ثمّ مضى ... حتى رأى ذات السناء والسنى
ثم أتى باب بني شيبة قد ... أبصر ما أمّل قدماً مذ دنا
فقبّل الركن وطاف وسعى ... ثم مضى مرتحلاً نحو منى
ثم أتى الموقف يدعو راغباً ... حتى إذا ما نفر القوم انثنى
ثم رمى ثم أفاض وانبرى ... معتمراً قد نال غايات المنى
ثم مضى مرتحلاً فيمن مضى ... ميمّماً طيبة لا يشكو العنا
يبغي التي شرّفها الله بمن ... شاد به الدين القويم وابتنى
فلم يكن ممّن إذا حج جفا ... بل يمّم القبر وزار واعتنى
خلق علىً لم يحوها إلا امرؤ ... نهاه عن نبذ العلا رعي النّهى
فإن يقل: من حازها قل: الذي ... له تسامى كلّ مجدٍ وانتهى
معتصم الراجين إن خطب دنا ... وكهفهم إن راع أمر ودهى
المرشد الناصح لله فما ... قصر في نصر الهدى ولا لها
من جدّ في إدراك ما رام يجد ... ولم يصب من قد توانى وسها
فلا يقصر بك خوف خيبة ... من خيّل الخيبة في البدء وهى
واكتسب الحمد بما تبديه من ... فتح اللها بمستدامات اللها