المتحيز إلى حزب السلامة المنقبض عن الغمار العزوف عن فضول القول والعمل جامع المحاسن الأشتات (?) من عقل رصين وطلب ممتع وأدب نقاوة ويد صناع أبوالقاسم بن أبي زكريا البرجي، فأنشدت له على الرسم المذكور هذه القصيدة الفريدة (?) :
أصغى إلى الوجد لما جد عاتبه ... صب له شغل عمن يعاتبه
لم يعط للصبر من بعد الفراق يداً ... فضل من ظل إرشاداً يخاطبه
لولا النوى لم يبت حران مكتئباً ... يغالب الوجد كتما ًوهوغالبه
يستودع الليل أسرار الغرام وما ... تمليه أشجانه فالدمع كاتبه
لله عصر بشرقي الحمى سمحت ... بالوصل أوقاته لوعاد ذاهبه
يا جيرة أودعوا إذ ودعوا حرقاً ... يصلى بها من صميم القلب ذائبه
يا هل ترى تجمع (?) الأيام ألفتنا ... كعهدنا أويرد القلب سالبه
ويا أهيل ودادي، والنوى قذف ... والقرب قد أبهمت دوني مذاهبه
هل ناقض العهد بعد البعد حافظه ... وصادع الشمل يوم الشعب شاعبه
ويا ربوع الحمى لا زلت ناعمة ... يبكي عهودك مضنى الجسم شاحبه
يا من لقلب مع الأهواء منعطف ... في كل أوب له شوق يجاذبه
يسمو إلى طلب الباقي بهمته ... والنفس بالميل للفاني تطالبه
وفتنة المرء بالمألوف معضلة ... والأنس بالإلف نحوالإلف جاذبه
أبكي لعهد الصبا والشيب يضحك بي ... يا للرجال سبت جدي ملاعبه
ولن ترى كالهوى، أشجاه سالفه ... ولا كوعد المنى، أحلاه كاذبه
وهمة المرء تغليه وترخصه ... من عز نفساً لقد عزت مطالبه