وحزن بدوراً من ليالي شعورها ... (تضل العقاس في مثنى ومرسل)

وأبقت بأرض الشام كأنها ... (بأرجائها القصوى أنابيش عنصل)

وما جف من حب القلوب بغورها ... (وقيعانها كأنه حب فلفل)

لخضراء ما دبت ولا نبتت بها ... (أساريع ظبي أو مساويك إسحل)

شدا طيرها في مثمر ذي أرومة ... (وساق كأنبوب السقي المذلل)

فشدت بروض ليس يذبل بعدها ... (بكل مغار الفتل شدت بيذبل)

وكم هجرت في القيظ تحكي ذوارعاً ... (عذارى دوار في ملاء مذيل)

وكم أدلجت والقتر يهفو هزيزه ... (ويلوي بأثواب العنيف المثقل)

وخضن سيولاً فضن باليد بعدما ... (أثرن غباراً بالكديد المركل)

وكم ركزوا رمحاً بدعص كأنه ... (من السيل والغثاء فلكة مغزل)

فلم تبن حصناً خوف حصنهم العدا ... (ولا أطماً إلا مشيداً بجندل)

فهدت بعضب بعد صقاله ... (بأمراس كتان إلى صم جندل)

وجيش بأقصى الأرض ألقى جرانه ... (وأردف أعجازاً وناء بكلكل)

يدك الصفا دكاً ولو مر بعضه ... (وأيسره عالي الستار ويذبل)

دعا النصر والتأييد راياته اسحبي ... (على أثرينا ذيل مرط مرحل)

لواء منير النصل طاو كأنه ... (منارة ممسى راهب متبتل)

كأن دم الأعداء في عذباته ... (عصارة حناء بشيب مرجل)

صحاب بروا هام العداة وكم قروا ... (صفيف شواء أو قدير معجل)

وكم أكثروا ما طاب من لحم جفرة ... (وشحم كهداب الدمقس المفتل)

وكم جبن من غبراء لم يسق نبتها ... (دراكاً ولم ينضج بماء فيغسل)

حكى طيب ذكراهم ومر كفاحهم ... (مداك عروس أو صلابة حنظل)

لأمداح خير الخلق قلبي قد صبا ... (وليس فؤادي عن هواها بمنسل)

فدع من لأيام صلحن له صبا ... (ولا سيما يوم بدارة جلجل)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015