ودجى الشباب قد استبان صباحه ... وظلامه قد لاح في نهاره

فاتى حمام لا يعاف وقوعه ... ومضى غراب لا يخاف مطاره

والعمر مثل البدر يبدو حسنه ... حيناً ويعقب بعد ذاك سراره

ما للإخاء تقلصت أفياؤه ... ما للصفاء تكدرت آثاره

والحر يصفح إن أخل خليله ... والبر يسمح إن تجرأ جاره

فتراه يدفع إن تمكن جاهه ... وتراه ينفع إن علا مقداره

ولأنت تعلم أنني زمن الصبا ... ما زلت زنداً والحياء سواره

ولأنت تعلم أنني زمن الصبا ... ما زلت ممن عف فيه إزاره

والهجر ما بين الأحبة لم يزل ... ترك الكلام أو السلام مثاره

ولكم تجافى عن جفاء خليله ... فطن، وقد ظفرت به أظفاره

ولكم أصر على التدابر مدبر ... أفضى إلى ندم به إصراره

فأقام كالكسعي بان نهاره ... أو كالفرزدق فارقته نواره

أنكرتم من حق معترف لكم ... بالحق ما لا ينبغي إنكاره

والشرع قد منع التقاطع نصه ... قطعاً، ونقد وردت به أخباره

والسن سن تورع وتبرع ... وتسرع لتشرع تختاره

ما يومنا من أمسنا قدك اتئد ... ذهب الشباب فكيف ينفى عاره

هلا حظرتم أو حذرتم منه ما ... حق عليكم حظره وحذاره

عجباً لمن يجري هواه لغاية ... محدودة إضماره مضماره

يأتي ضحاً ما كان يأتيه دجى ... فكأنه ما شاب منه عذاره

فيعد ما تفنى به حسناته ... ويعيد ما تبقى به أوزاره

فالنفس قد أجرته ملء عنانها ... يشتد في مضمارها إحضاره

والمرء من إخوانه في جنة ... بل جنة تجري بها أنهاره

واليمن قد مدت إليه يمينه ... واليسر قد شدت عليه يساره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015