فمن سحب لاحت بها شهب القنا ... ومن كثب بيض بدت فوق كثبان
مضارب في البطحاء بيض قبابها ... كما قلبت للعين أزهار سوسان
وما إن رأى الراءون في الدهر قبلها ... قرارة عز في مدينة كتان
تفوت التفات الطرف حال اقتبالها ... كأنك قد سخرت جن سليمان
فقد أطرقت من خوفها كل بيعة ... وطأطأ من إجلالها كل إيوان
وقد ذعرت خولان بين بيوتها ... غداة بدت منها البيوت بخولان
فلو رميت مصر بها وصعيدها ... لأضحت خلاء بلقعاً بعد عمران
ولو يممت سيف بن ذي يزن ... لما تقرر ذاك السيف في غمد غمدان
تراع بها الأوثان في أرض رومة ... إذا خيمت شرقاً على طرق أوثان
وتجفل إجفال النعامى ببرقة ... ليوث الشرى ما بين ترك وعربان
وعرضاً كيوم العرض أذهل هوله ... عياني، وأعياني تعدد أعيان
وجيشاً كقطع الليل للخيل تحته ... إذا صهلت مفتنة رجع ألحان
فيومض من بيض الظبى ببوارق ... ويقذف من سمر الرماح بشهبان
ويمطر من ودق السهام بحاصب ... سحائبه من كل عوجاء مرنان
وجرداً إذا ما ضمرت يوم غاية ... تعجبت من ريح تقاد بأرسان
تسابق ظلمان الفلاة بمثلها ... وتذعر غزلان الرمال بغزلان
ودون مهب العزم منك قواضب ... أبى النصر يوماً أن تلم بأجفان
نظرت إليها والنجيع لباسها ... فقلت: سيوف أم شقائق نعمان
تفتح ورداً خدها حين جردت ... ولا ينكر الأقوام خجلة عريان
كأن الوغى نادت بها لوليمة ... قد احتفلت أوضاعها منذ زمان
فإن طعمت بالنصر كان وضوءها ... نجيعاً ووافاها الغبار بأشنان
لقد خلصت لله منك سجية ... جزاك على الإحسان منك بإحسان
فسيفك للفتح المبين مصاحب ... وعزمك والنصر المؤزر إلفان
فرح واغد للرحمن تحت كلاءة ... وسرحان في غاب العدا كل سرحان