لقد جُليت منك البلاد لخاطب ... لقد جنيت منك الغصون إلى جاني
لقد كست الإسلام بيعتك الرضى ... وكانت على أهليه بيعة رضوان
ولله من ملك سعيد ونصبة ... قضى المشتري فيها بعزلة كيوان
وسجل حكم العدل بين بيوتها ... وقوفاً مع المشهور من رأي يونان
فلم تخش سهم القوس صفحة بدرها ... ولم تشك فيها الشمس من بخس ميزان
ولم يعترض مبتزها قطع قاطع ... ولا نازعت نوبهرها كف عدوان (?)
تولى اختيار الله حسن اختيارها ... فلم يحتج الفرغان فيها لفرغان
ولا صرفت فيها دقائق نسبة ... ولو خفقت فيها طوالع بلدان
وجوه القضايا في كمالك شأنها ... وجوب إذا خصت سواك بإمكان
ومن قاس منك الجود بالبحر والحيا ... فقد قاس تمويهاً قياس سفسطاني
وطاعتك العظمى بشارة رحمة ... وعصيانك المحذور نزغة شيطان
وحبك عنوان السعادة والرضى ... ويعرف مقدار الكتاب بعنوان
ودين الهدى جسم وذاتك روحه ... وكم وصلة ما بين روح وجثمان
تضن بك الدنيا ويحرسك العلا ... كأنك منها بين لحظ وأجفان
بنيت على أساس أسلافك العلا ... فلا هدم المبنى ولا عدم الباني
وصاحت بك العليا فلم تك غافلاً ... ونادت بك الدنيا فلم تك بالواني
ولم تك في خوض البحار بهائب ... ولم تك في نيل الفخار بكسلان
لقد هز منك العزم لما انتضيته ... ذوائب رضوى أو مناكب ثهلان
ولله عينا من رآها محلة ... هي الحشر لا تحصى بعد وحسبان
وتنور عزم فار في إثر دعوة ... يعم الأقاصي والأداني بطوفان
عجائب أقطار، ومألف شارد ... وأفلاذ آفاق، وموعد ركبان
إذا ما سرحت اللحظ في عرصاتها ... تبلد منك الذهن في العالم الثاني
جنى حان والنصر العزيز اهتصاره ... إذا انتظمت بالقلب منها جناحان