لئن أترعوا من قهوة البين أكؤسي ... فشوقهم أضحى سميري وندماني
وإن غادرتني بالعراء حمولهم ... لقى إن قلبي جاهد إثر أظعاني
قف العيس واسأل ربعهم أية مضوا ... أللجزع ساروا مدلجين أم البان
وهل باكروا بالسفح من جانب اللوى ... ملاعب آرام هناك وغزلان
وأين استقلوا: هل بهضب تهامة ... أناخوا المطايا أم على كثبان نعمان
وهل سال في بطن المسيل تشوقاً ... نفوس ترامت للحمى قبل جثمان
وإذ زجروها بالعشي فهل ثنى ... أزمتها الحادي إلى شعب بوان
وهل عرسوا في دير عبدون أم سروا ... يؤم بهم رهبانهم دير نجران
سروا والدجى صبغ المطارف فانثنى ... بأحداجهم شتى صفات وألوان
وأدلج في الأسحار بيض قبابهم ... فلحن نجوماً في معارج كثبان
لك الله من ركب يرى الأرض خطوة ... إذا زمها بدناً نواعم أبدان
أرحها مطايا قد تمشى بها الهوى ... تمشي الحميا في مفاصل نشوان
ويمم بها الوادي المقدس بالحمى ... به الماء صداً والكلا نبت سعدان
وأهد حلول الحجر منه تحية ... تفاوح عرفاً ذاكي الرند والبان
لقد نفحت من شيح يثرب نفحة ... فهاجت مع الأسحار شوقي وأشجاني
وفتت منها الشرق في الغرب مسكة ... سحبت بها في أرض دارين أرداني
وأذكرني نجداً وطيب عراره ... نسيم الصبا من نحو طيبة حياني
أحن إلى تلك المعاهد، إنها ... معاهد راحاتي وروحي وريحاني
وأهفو مع الأشواق للوطن الذي ... به صح لي أنسي الهني وسلواني
وأصبو إلى أعلام مكة شائقاً (?) ... إذا لاح برق من شمام وثهلان
أهيل الحمى ديني على الدهر زورة ... أحث بها شوقاً لكم عزمي الواني
متى يشتفي جفني القريح بلحظة ... تزج بها في نوركم عين إنساني