يعبد الله في خفية ويصلي، فشدد عليهم النصارى في البحث، حتى إنهم أحرقوا منهم كثيراً بسبب ذلك، ومنعوهم من حمل السكين الصغيرة فضلاً عن غيرها من الحديد، وقاموا في بعض الجبال على النصارى مراراً ولم يقيض الله لهم ناصراً، إلى أن كان إخراج النصارى إياهم بهذا العصر القريب أعوام سبعة عشر وألف، فخرجت ألوف بفاس، وألوف أخر بتلمسان من وهران، وجمهورهم خرج بتونس، فتسلط عليهم الأعراب ومن لا يخشى الله تعالى في الطرقات، ونهبوا أموالهم،وهذا ببلاد تلمسان وفاس، ونجا القليل من هذه المعرة، وأما الذين خرجوا بنواحي تونس فسلم أكثرهم، وهم لهذا العهد عمروا قراها الخالية وبلادها، وكذلك بتطاوين وسلا ومتيجة (?) الجزائر. ولما استخدم سلطان المغرب الأقصى منهم عسكراً جراراً وسكنوا سلا كان منهم من الجهاد في البحر ما هو مشهور الآن، وحصنوا قلعة سلا، وبنوا بها القصور والدور والحمامات وهم الآن بهذا الحال، ووصل جماعة إلى القسطنطينية العظمى وإلى مصر والشام وغيرها من بلاد الإسلام، وهم لهذا العهد على ما وصف، والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
والسلطان المذكور الذي أخذت على يده غرناطة هو أبو عبد الله محمد الذي انقرضت بدولته مملكة الإسلام بالأندلس، ومحيت رسومها، ابن السلطان أبي الحسن ابن السلطان سعد ابن الأمير علي ابن السلطان يوسف ابن السلطان محمد الغني بالله، واسطة عقدهم، ومشيد مبانيهم الأنيقة، وسلطان دولتهم على الحقيقة، وهو المخلوع الوافد على الأصقاع المرينية بفاس، العائد منها لملكه في أرفع الصنائع الحمانية العاطرة الأنفاس، وهوسلطان لسان الدين ابن الخطيب، وقد ذكرنا جملة من أخباره في غبر هذا الموضع، ابن السلطان أبي الحجاج يوسف ابن السلطان اسماعيل قاتل سلطان النصارى دون بطره بمرج غرناطة ابنفرج "