الأمل، فهي حجّة الشعراء فيما سلكوه، وملاك أمرهم فيما ملكوه، حدثني بعض شيوخنا بالإسكندرية بإسناديه أبن بعض العلماء كان لا يستفتح مجلسه إلا بقصيدة كعب، فقيل له في ذلك، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، قصيدة كعب أنشدها بين يديك فقال: " نعم، وأنا أحبها وأحب من يحبها "، قال: فعاهدت الله أنّي لا أخلو من قراءتها كل يوم.
قلت: ولم تزل الشعراء من ذلك الوقت إلى الآن ينسجون على منوالها، ويقتدون بأقوالها، تبرّكاً بمن أنشدت بين يديه، ونسب مدحها إليه، ولمّا صنع القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلّم على وزن بانت سعاد قال:
لقد قال كعبٌ في النبيّ قصيدةً وقلنا عسى في مدحه نتشارك
فإن شملتنا بالجوائز رحمةٌ كرحمة كعبٍ فهو كعبٌ مبارك
انتهى.
وقال رحمه الله تعالى:
لقد كرّ العذار بوجنتيه كما كرّ الظلام على النهار
فغابت شمس وجنته وجاءت على مهلٍ عشيّات العذار
فقلت لناظري لمّا رآها وقد خلط السواد بالاحمرار
تمتّع من شميم عرار نجد فما بعد العشيّة من عرار
وقال:
قالوا عشقت وقد أضرّ بك الهوى فأجبتهم يا ليتني لم أعشق
قالوا سبقت إلى محبة حسنه فأجبتهم ما فاز من لم يسبق
ولما أنشد رحمه الله تعالى قول ابن الخشاب في المستضيء بالله: