طيبة ما أطيبها منزلاً سقى ثراها المطر الصيّب

طابت بمن حلّ بأرجائها فالتربمنها عنبرٌ طيّب

يا طيب عيشي عند ذكري لها والعيش في ذاك الحمى أطيب

وقال رحمه الله تعالى في هذا الشرح بعد كلام ما نصّه: وإذا أردت أن تنظر إلى تفاوت درجات الكلام في هذا المقام فانظر إلى إسحاق الموصلي كيف جاء إلى قصر مشيد، ومحلّ سرور جديد، فخاطبه بما يخاطب به الطلول البالية، والمنازل الدارسة الخالية، فقال:

يا دار غيّرك البلى ومحاك

فأحزن في موضع السرور، وأجرى كلامه على عكس الأمور، وانظر إلى قول القطامي:

إنّا محيّوك فاسلم أيّها الطلل وإن بليت وإن طالت بك الطّيل

فانظر كيف جاء إلى طلل بالٍ، ورسم خالٍ، فأحسن حين حيّاه، ودعا له بالسلامة كالمبتهج برؤية محيّاه، فلم يذكر دروس الطلل وبلاه، حتى آنس المسامع بأوفى التحية وأزكى السلامة، والذي فتح هذا الباب، وأطنب فيه غاية الإطناب، صاحب اللواء، ومقدم الشعراء، حيث قال:

ألا عم صباحاً أيّها الطّلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعمن إلا سعيدٌ مخلّدٌ قليل الهموم ما يبيت بأوجال

قيل وهذا البيت الأخير يحسن أن يكون من أوصاف الجنة لأن السعادة والخلود وقلة الهموم والأوجال لاتوجد إلا في الجنة وقال رحمه الله تعالى عند رحيله من غرناطة وأعلام نجد تلوح، وحمائمه تشدو على الأيك وتنوح:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015