أخاطبه وأجاريه، في أوصاف محاسنها التي أناهبه منها وأناهيه، فقال لي: هذا الفن الفذ، والنثر الذي قهر أقران هذه الصناعة وبذ، والأدب الذي سد الطرق على أوابده فما فته شيء ولا شذ، هذا الإنشاء الذي ما له عديل في هذا العديد ولا ضريب، وهذا الكلام الذي فاق في الآفاق فما لحبيب بن أوس حسن حسن بن حبيب، فعين الله تعالى على هذه الكلم الساحرة، والفوائد التي أيقظت جفن الأدب بعدما كان بالساهرة، ومتع الله تعالى الزمان وأهله بهذا النوع الغض، والنقد النض، والبز البض، والبديع الذي رمّ ما تشعّث من ربع هذا الفن ورضّ، واقتضّ المعاني أبكاره وأفتضّ، وأرسل جارح بلاغته على الجوارح فصادها وانقص وانقض، وأنبط ماء الفصاحة لما تحدر وارفضّ، واستمال القلب الفظ لما فك ختم ذهوله وفض، وإنّه على كل شيء قدير، بالإجابة جدير، بمنّه وكرمه، وكتبه خليل الصفدي، انتهى.
302 - ومنهم الأديب أبو جعفرالألبيري (?) ، رفيق ابن جابر السابق الذكر، وهو البصير وابن جابر الأعمى، وله نظم بديع منه قوله:
أبدت لي الصّدغ على خدّها فأطلع الليل لنا صبحه
فخدّها مع قدّها قائلٌ هذا شقيقٌ عارضٌ رمحه
وقوله وقد دخل حمص:
حمصٌ لمن أضحى بها جنّةٌ يدنو لديها الأمل القاصي
حلّ بها العاصي ألا فاعجبوا من جنّةٍ حلّ بها العاصي
وقوله:
إنّ بين الحبيب عندي موتٌ وبه قد حييت منذ زمان