بابن برطله (?) ، سمع من صهره القاضي الشهيد أبي علي الصدفي، ورحل حاجّاً سنة 510، فأدى الفريضة، وسمع من الطرطوشي والأنماطي والسّلفي وغيرهم، وانصرف إلى مرسية بلده، وكان حسن السّمت خاشعاً مخبتاً خيّراً متواضعاً نبيهاً نزهاً سالم الباطن، وحكى عن شيخه أبي عبد الله الرازي عن أبيه أنّه أخبره أن قاضي البرلس، وكان رجلاً صالحاً، خرج ذات ليلة إلى النّيل فتوضأ وأسبغ وضوءه، ثم قام فقرن قدميه وصلى ما شاء الله تعالى أن يصلي، فسمع قائلاً يقول:
لولا أناسٌ لهم سردٌ يصومونا وآخرون لهم وردٌ يقومونا
لزلزلت أرضكم من تحتكم سحراً لأنّكم قوم سوء لا تبالونا
قال: فتجوّزت في صلاتي، وأدرت طرفي فما رأيت شخصاً ولا سمعت حسّاً، فعلمت أن ذلك زاجر من الله تعالى.
وقال ابن برطله رحمه الله تعالى: أنشدني أبو عامر قال: دخلت بعض مراسي الثغر، فوجدت في حجر منقوش هذه الأبيات:
نزلت ولي أملٌ عودةٌ ولكنّني لست أدري متى
ودافعني قدرٌ لم أطق دفاعاً لمكروهه إذ أتى
ومن أمره في يدي غيره سيغلب إن لان وإن عتا
فيا نازلاً بعدنا ههنا نحيّيك إن كنت نعم الفتى
فسألت عن منشدها، فقيل لي: هو أبو بكر ابن أبي درهم الوشقي، وكان قد حج وأراد العودة، فقال هذه الأبيات، ورواها بعضهم رحلت مكان نزلت، وهو أصوب، وأبدل قوله يا نازلاً بيا ساكناً، والخطب سهل