كفى حزناً أنّ الرماح (?) صقيلةٌ ... وأنّ الشّبا رهن الصدى بدمائه أنّ بياذيق الجوانب فرزنت ولم يعد رخّ الدّست بيت بنائه

وكان - رحمه الله تعالى - من جلّة الأدباء، وفحول الشعراء، وبرعة الكتّاب، كتب عن ابن غانية الأمير أبي زكريا يحيى بن إسحاق (?) بن محمد بن علي السوفي الميرقي الثائر على منصور بني عبد المؤمن، ثم على من بعده من ذريته إلى أيام الرشيد منهم، وكان منقطعاً إليه، وممّن صحبه في حركاته، وكان آيةً في بعد الهمة، والذهاب بنفسه، والغناء في مواقف الحرب، والجنسية علة الضم، إذ ابن غانية كان غاية في ذلك أيضاً، ووجّه الميرقي المذكور عشية يوم من أيام حروبه إلى المأزق، وقد طال العراك، وكاد الناس ينفصلون عن الحرب [إلى أن يباكروها من الغد، فلمّا بلغ الصدر اشتدّ على الناس] (?) وذمر أرباب الحفيظة، وأنهى إليهم العزم من أميره في الحملة، فانهزم عدوّهم شرّ هزيمة، ولم يعد أبو محمد إلاّ في آخر الليل بالأسلاب والغنيمة، فقال له الأمير: وما حملك على ما صنعت فقال: الذي عملت هو شأني، وإذا أردت من يصرف الناس عن الحرب ويذهب ريحه فانظر غيري.

وتشاجر له ولد صغير مع تربٍ له من أولاد أميره أبي زكريا فنال منه ولد الأمير، وقال: وما قدر أبيك فلمّا بلغ ذلك أباه خرج مغضباً لحينه، ولقي ولد الأمير الخاطب لولده فقال: حفظك الله تعالى، لست أشكّ في أني خديم أبيك، ولكني أحب أن أعرفك بنفسي ومقداري ومقدار أبيك، اعلم أن أباك وجّهني رسولاً إلى دار الخلافة ببغداد بكتاب عن نفسه، فلمّا بلغت بغداد أنزلت في دار اكتريت لي بسبعة دراهم في الشهر، وأجري عليّ سبعة دراهم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015