آخر، وفيه عندي نظر لا يخفى، والذي أعتقده ولا أرتاب فيه أنه أبو حيان النحوي.
وقال ابن رشيد: وأنشدني أبو حيان لنفسه:
إذا غاب عن عيني أقول سلوته وإن لاح حال اللون فاضطرب القلب
يهيّجني عيناه والمبسم الذي به المسك منظومٌ به اللؤلؤ الرطب
وقال الشريف ابن راجح: رايت أن ما وضعه الشيخ أبو حيان في تقدّم لسان الأتراك تضييع لعمره، وقلت:
نفائس الأعمار أنفقتها أنا وأمثالي على غير شي
شيوخ سوءٍ ليس يرضى بما ترضى به من المخازي صبي
ومن نظم أبي حيان قوله:
إنّ علماً تعبت فيه زماني باذلاً فيه طارفي وتلادي
لجديرٌ بأن يكون عزيزاً ومصوناً إلاّ على الأجواد
وقوله:
وما لك والإتعاب نفساً شريفةً وتكليفها في الدهر ما ليس يعذب
أرحها فعن قربٍ تلاقي حمامها فتنعم في دار البقا أو تعذّب
واستشكل هذان البيتان بأن ظاهرهما خلاف الشرع، وأجيب بأن مراده أمر الرزق، لا أمر التكليف.
وأفاد غير واحد أن سبب رحلة الشيخ أبي حيان عن الأندلس أنه نشأ شر بينه وبين شيخه أحمد بن علي بن الطباع فألف أبو حيان كتاباً سمّاه الإلماع في إفساد إجازة ابن الطباع فرفع ابن الطباع أمره للأمير محمد بن نصر المدعو بالفقيه، وكان أبو حيان كثير الاعتراض عليه أيام قراءته عليه، فنشأ شر عن