غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم ".

ثمّ قال ابن الخطيب: إن أبا حيان حملته حدّة الشبيبة على التعرض للأستاذ أبي جعفر الطباع، وقد وقعت بينه وبين أستاذه ابن الزبير الوحشة، فنال منه، وتصدّى للتأليف في الرد عليه وتكذيب روايته، فرفع أمره للسلطان، فامتعض له، ونفذ الأمر بتنكيله، فاختفى، ثمّ أجاز البحر مختفياً، ولحق بالمشرق يلتفت خلفه.

ثمّ قال: وشعره كثير يتصف بالإجادة وضدها، فمن مطوّلاته قوله:

تعذلاه فما ذو الحبّ معذول العقل مختبلٌ والقلب متبول

هزّت له أسمراً من خوط قامتها فما انثنى الصبّ إلا وهو مقتول

جملة فصّل الحسن البديع لها فكم لها جملٌ منه تفصيل

فالنحر مرمرةٌ، والنشر عنبرةٌ، والثغر جوهرةٌ، والريق معسول

والطرف ذو غنج، والعرف ذو أرجِ، والخصر مختطفٌ، والمتن مجدول

هيفاء ينطق في الخصر الوشاح لها درماء تخرس في الساق الخلاخيل

من اللواتي غذاهنّ النعيم فما يشقين، آباؤها الصّيد البهاليل

إلى أن قال: وقوله:

نورٌ بخدّك أم توقّج نار وضنىً بجفنك أم فتور عقار

وشذاً بريقك أن تأرّج مسكةٍ وسناً بثغرك أم شعاع دراري

جمعت معاني الحسن فيك فقد غدت قيد القلوب وفتنة الأبصار

متصاونٌ خفراً إذا ناطقته أغضى حياءً في سكون وقار

فيوجهه زهرات روضٍ تجتلى من نرجسٍ مع وردةٍ وبهار

خاف اقتطاف الورد من وجناتها فأدار من آسٍ سياج عذار

وتسلّلت نمل العذار بخدّه ليردن شهدة ريقه المعطار

وبخدّه نارٌ حمته وردها فوقفن بين الورد والإصدار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015