ابن أبي الحسن المذكور، فسأله عن القبر، فقال: هو الذي قعدت عنده، وغالب هذا وابن جالوت هما من أصحاب الشيخ أبي جعفر بن سيد بونه الخزاعي، وهو من أصحاب الشيخ أبي مدين، انتهى. فكيف ينكر أبو حيان كرامات الصالحين وهو يوصي على من ينهى عن الطعن فيهم، ويحكي كراماتهم، نعم قول الصفدي قبل ذلك الكلام إنه كان ينكر على فقراء الوقت كلامٌ صحيح في الجملة، لكثرة الدعاوى الباطلة ممّن ليس من أهل الصلاح، وأما إنكار الكرامات مطلقاً فمقام أبي حيان يجل عن إنكارها، والله تعالى أعلم.

وقد أورد ابن جماعة له من قطعة قوله في أهل عصره:

ومن يك يدّعي منهم صلاحاً فزنديقٌ تغلغل في الضلال

وأول هذه القطعة:

حلبت الدهر أشطره زماناً وأغناني العيان عن السؤال

فما أبصرت من خلٍّ وفيٍّ ولا ألفيت مشكور الخلال

ذئابٌ في ثيابٍ قد تبدّت لرائيها بأشكال الرجال

ومن يك يدّعي منهم صلاحاً فزنديقٌ تغلغل في الضلال

ترى الجهّال تتبعه وترضى مشاركةً بأهلٍ أو بمال

فينهب مالهم ويصيب منهم نساءهم بمقبوح الفعال

وتأخذ حاله زوراً فيرمي عمامته ويهرب في الرمال

ويجرون التيوس وراء رجسٍ تقرمط في العقيدة والمقال

أي اعتقدوا رأي القرامطة، ومذهبهم مشهور، فلا نطيل به، فظهر بما ذكر أن أبا حيان إنما أنكر على أهل الدعاوى، لا على غيرهم، والله تعالى أعلم.

وقد أورد قاضي القضاة ابن جماعة للشيخ أبي حيان من النظيم غير ما قدمنا ذكره قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015