وإنّي على ما هاج صدري وغاظني ليأمنني من كان عندي له سرّ

فكان هذا البيت أشد عليه من عض الحديد، ولم يزل يقلق به حتى بكى إلي من بالدموع، وهذا الباب ممتدّ الأطناب، ويكفي ما مر ويمرّ منه في أضعاف هذا الكتاب، انتهى كلام ابن بسام في الذخيرة بلفظه.

[من خطبة الذخيرة]

ولا خفاء أنّه عارض بالذخيرة يتيمة الثعالبيّ، ولذا قال في خطبة الذخيرة (?) : أمّا بعد حمد الله وليّ الحمد وأهله، والصلاة على سيّدنا محمد خاتم رسله، فإن ثمرة هذا الأدب، العالي الرتب، رسالة تنثر وترسل، وأبيات تنظم وتفصل، تنثال تلك انثيال القطار، على صفحات الأزهار، وتتصل هذه اتصال القلائد، على نحور الخرائد، ومازال في أفقنا هذا الأندلسي القصيّ إلى وقتنا هذا من فرسان الفنّين، وأئمة النوعين، قوم هم ما هم طيب مكاسر، وصفاء جواهر، وعذوبة موارد ومصادر، لعبوا بأطراف الكلام المشقّق، لعب الدّجى بجفون المؤرقّ، وحدوا بفنون السحر المنمّق، حداء الأعشى ببنات المحلّق، فصبّوا على قوالب النجوم، غرائب المنثور والمنظوم، وباهوا غرر الضحى والأصائل، بعجائب الأشعار والرسائل، نثر لو رآه البديع لنسي اسمه، أو اجتلاه ابن هلال لولاّه حكمه، ونظم لو سمعه كثير ما نسب ولا مدح، أو تتبعه جرول ما عوى ولا نبح، إلا أن أهل هذا الأفق أبوا إلا متابعة أهل الشرق، يرجعون إلى أخبارهم المعادة (?) ، رجوع الحديث إلى قتادة، حتى لو نعق بتلك الآفاق غراب، أو طنّ بأقصى الشام والعراق ذباب، لجثوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015