وقع على محبته الاتفاق، وطلعت شموس معارفه في غاية الإشراق، وصار له في ميدان الكمال حسن الاستباق، الصدر الكامل، والعالم العامل، الفقيه الذي تهتدي الفقهاء بعلمه وعمله، البليغ الذي تقتدي البلغاء ببراعة قلمه، ناشر ألوية المعارف، ومسدي أنواع العوارف، العلامة إمام العصر، بجميع أدوات الحصر، سيدي أحمد بن محمد المقّري قدّس الله السلف، كما بارك في الخلف، سلامٌ من النسيم أرقّ، وألطف من الزهر إذا عبق.
وبعد، فإن أخباركم دائماً ترد علينا، وتصل إلينا، بما يسر الخاطر، ويقرّ الناظر، مع كل وارد وصادر، والعبد يحمد الله تعالى على ذلك، ويدعو الله بالاجتماع معكم هنالك:
ويرحم الله عبدا قال آمينا ... كتبته إليكم أيّها السيد من الحضرة المراكشية مع كثرة أشواق، لا تسعها أوراق، كتبكم الله سبحانه فيمن عنده، كما جعلكم ممّن أخلص في موالاة الحق قصده، وودّي إليكم غضّ الحدائق، مستجلٍ في مطلع الوفاء بمنظر رائق، لا يحيله عن مركز الثبوت عائق، وحقيق بمودة ارتبطت في الحق وللحق معاهدها (?) ، وأسست على المحبة في الله قواعدها، أن يزيد عقدها على مر الأيام شدة، وعهدها وإن شط المزار جدّه، وأن تدّر للأخرى عدّة، وإنّي ويعلم الله تعالى لممّن يعتقد بمحبتكم وموالاتكم عملاً صالحاً يقرب من الله تعالى ويزلف إليه، ويعتمدهما (?) وزراً يعوّل في الآخرة يوم لا ظل إلاّ ظلّه عليه، فإنّكم واليتم فأخلصتم في الولا، وعرفتم الله تعالى فقمتم بحقوق الصحبة على الولا، معرضين في تلكم الأخوّة عن غرض الدنيا وعرضها، موفين